ناصر المطيري

المقترح الذي أطلقه عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية في القمة الأخيرة التي عقدت في laquo;سرتraquo; الليبية يحتمل عدة وجوه ويعكس منظورا جديدا في المعادلة وينبئ عن تحولات سياسية قادمة تجاه التعاطي مع الملفات العربية الجامدة بادخال عناصر اقليمية جديدة وفق صيغ تعاون لاتخلو من المخاطرة في اللعب بالأوراق الاقليمية.

الموقف الذي عرضه الأمين العام للجامعة العربية كما يبدو يطرح مبادرة جديدة لاعادة تنظيم العلاقة بين النظام العربي من ناحية والنظام الأوسع في المحيط العربي من ناحية أخرى، وهنا نتساءل هل هي علاقة تبعية من النظام العربي لنظام الشرق الأوسط أم علاقة تفاعل متبادل؟ التفاعل المتبادل يشترط أولا ان تكون هناك تفاعلات عربية عربية أولا ، وهذا ما جاء على لسان أمير قطر الشيخ حمد عندما وضع العرب أمام خيارين اما الجمود وترك الأمور تذهب الى ما هي عليه واما اتخاذ مبادرات وتحرك عربي للدفاع عن المصالح العربية. لذلك يبدو ان العرب في اطار ادارتهم للصراعات وتحالفات المنطقة أمام خيارين أساسيين، اما التحالف مع ايران وتركيا لتكوين مثلث حضاري اسلامي يضم العرب والفرس والأتراك ، أو التحالف مع اسرائيل ..

وبالنظر الى تحليل توجهات القوى الاقليمية في الشرق الأوسط نجد ان محور النظام الاقليمي يتكون من ثلاث دول أساسية هي اسرائيل الساعية للهيمنة وايران المناوئة لاسرائيل وتركيا التي تقوم بدور الموازن بين هاتين القوتين، وللأسف الوضع العربي بكامله والنظام العربي أصبح أطرافا مهمشة غير فاعلة في قضايا المنطقة حيث لاحظنا في الاونة الأخيرة تصاعدا للدور التركي الفاعل تجاه الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وتجاه سورية، وكذلك ايران دخلت طرفا مؤثرا في الساحة العربية الشرق أوسطية، فالزخم التركي والايراني بات أكثر حضورا يقابله جمود عربي- عربي وشلل لمنظومة الجامعة العربية عن تحقيق تقدم يذكر في ادارة الصراع التاريخي في المنطقة. ورغم وجاهة مقترح رابطة الجوار العربي من الناحية النظرية الا انه ينطوي على مغامرة سياسية قد تكون لها تداعياتها المستقبلية وذلك بالنظر الى الحالة الايرانية بشكل خاص وطبيعة علاقتها مع العرب عموما ومحيطها الخليجي هذه العلاقة التي تزيد فيها نقاط التنافر على نقاط الالتقاء بدءا من الخلاف على تسمية الخليج بين خليج فارسي وخليج عربي مرورا باحتلال جزر اماراتية وصولا لخلافات ايديولوجية ومذهبية.. من هنا تبدو ان العلاقة مع ايران معقدة فيما الأمر مختلف تجاه تركيا التي ليست لها مشاكل جيوسياسية مع العرب لذلك نجد ردود الفعل العربية مرحبة برابطة الجوار مع تركيا في حين هي متحفظة ازاء ايران.