كيب تاون - العرب
جدد العلامة د. يوسف القرضاوي فتواه السابقة بجواز بقاء المرأة المسلمة مع زوجها الكافر بعد إسلامها طمعاً في إسلامه.
جاء ذلك رداً على سؤال تلقاه من أحد مسلمي جنوب إفريقيا التي يزورها حالياً.
وأثناء إلقائه عددا من المحاضرات سئل الشيخ عن حكم بقاء المسلمة مع زوجها غير المسلم طمعاً في إيمانه، فذكر أنه ظل زمناً يعارض هذا الرأي، ويرى عدم جوازه، ولكنه اطلع على ما كتبه الإمام ابن القيم فوجد في المسألة تسعة أقوال، وزاد الشيخ عبد الله الجديع أربعة أخرى من كتب الآثار، وبعد المناقشة والبحث صدرت الفتوى عن المجلس الأوروبي للإفتاء ببقاء المسلمة بعد إسلامها مع زوجها غير المسلم، طمعاً في إسلامه، وحفاظاً على ما قد يكون بينهما من أولاد ومودة، وما قد يمثله عدم إجازة ذلك من عائق عن الدخول في الإسلام.
والتقى العلامة القرضاوي الذي يزور جنوب إفريقيا لأول مرة نيلسون مانديلا الرئيس الجنوب إفريقي السابق، وثمن الدور الذي يقوم به كما استقبله رئيس مجلس القضاء الأعلى بجنوب إفريقيا.. وفي أول يومين من زيارته لجنوب إفريقيا قام العلامة القرضاوي بنشاط واسع، حيث ألقى عدداً من المحاضرات، وزار المراكز الإسلامية، واجتمع برموز الأقلية المسلمة في جنوب إفريقيا.
ووصل الشيخ القرضاوي إلى جنوب إفريقيا يوم الجمعة الماضي في أول زيارة له، واستقبله بالمطار الشيخ مولانا الشيخ إحسان هندركس الندوي رئيس مجلس القضاء الإسلامي، ونائباه الشيخ أحمد صادق، والشيخ إحسان طالب، وعدد من رموز الأقلية المسلمة، وقد عبر الشيخ عن سعادته بزيارته الأولى لمسلمي جنوب إفريقيا، وذكر أنه كان يرغب في زيارتها منذ زمن بعيد، إلا أن الارتباطات العلمية والدعوية حالت دون ذلك في الفترة الماضية.
وكان السفير القطري بجنوب إفريقيا الدكتور بشير الشيراوي قد قام بزيارة القرضاوي في مقر أقامته.
زيارة مؤسسة مانديلا
وزار الشيخ القرضاوي مؤسسة نيلسون مانديلا، والتقى الرئيس مانديلا، وأشار إلى أن العرب والمسلمين كانوا يتابعون قضية مناهضة سياسة الفصل العنصري التي كان يقودها السود والملونون ضد النظام السابق، ومن أجلها سجن مانديلا لمدة ثلاثين عاما، حيث كان العرب والمسلمون يخوضون معركة التحرير ضد الاستعمار الغربي، الذي احتل أغلب دول العالم الإسلامي.
كتب القرضاوي هدية لمانديلا
وأهدى الشيخ القرضاوي الرئيس نيلسون مانديلا عدداً من كتبه من بينها: quot;الإيمان والحياةquot;، وquot;مدخل لمعرفة الإسلامquot;، وquot;العقل والعلم في القرآنquot;، وكتب عليها إهداء قال فيه: quot;إلى بطل إفريقيا الرئيس نيلسون مانديلاquot;.
دعوة للاعتزاز بالإسلام
وألقى فضيلة الشيخ القرضاوي محاضرة بمسجد حميدية بمنطقة نيو تاون عن أول واجبات الأقلية المسلمة في العالم، وهو: الاعتزاز بالإسلام، فالنعمة الكبرى على الإنسان أن يهدي إلى الإسلام، وأن ينتسب إلى محمد عليه الصلاة والسلام، وأن ينزل عليه القرآن آخر الوثائق الإلهية من السماء إلى الأرض.
وطلب الشيخ من المسلمين أن يتيحوا الفرصة للأخوات المسلمات ليشاركوا الرجال في الحضور إلى المساجد، وطلب العلم، وتعلم الإسلام، فالقرآن يخاطب الرجل والمرأة، والأمة المسلمة تطير بجناحين الرجل والمرأة، والمرأة نصف المجتمع من حيث العدد، وأكثر من نصفه من حيث التأثير، وقد لقيت ملاحظة الشيخ الأخيرة استحسان المسلمات، وقامت إحدى الشابات المسلمات بشكره نيابة عن بنات جنسها.
وقام بالترجمة إلى الإنجليزية الشيخ إحسان طالب، النائب الثاني لمجلس القضاء الإسلامي، وقد أثنى الشيخ على ترجمته.
لقاء بالعلماء
وانتقل الشيخ القرضاوي إلى منطقة لنيسيا حيث التقى أعضاء مجلس اتحاد العلماء في جنوب إفريقيا، في محاضرة باللغة العربية، ركز فيها الشيخ على دور العلماء في حفظ الدين وتجديده، فبصلاحهم يصلح المسلمون، وتكلم عن دور العلماء في البلاد الإسلامية عامة في قيادة قضايا التحرر، ودور مسلمي جنوب إفريقيا كذلك، الأمر الذي دعا الرئيس نيلسون مانديلا في ثاني أيام التحرر من النظام العنصري، إلى زيارة أحد مساجد المسلمين والإشادة بدورهم في تحرر جنوب إفريقيا من نظام الفصل العنصري، وتحدث الشيخ أيضا عن كيفية تقديم الإسلام من قبل العلماء، سهلا ميسورا محببا إلى الناس، خاليا من الزيادات والتعقيدات التي لحقت به على مر العصور، وقد تلت المحاضرة أسئلة عن تقنين الأحوال الشخصية، حيث يسمح دستور جنوب إفريقيا للأقليات بالاحتكام إلى قانونها الخاص في مسائل الأحوال الشخصية، وشكلت الحكومة لجنة من علماء المسلمين لصياغة قانون الأحوال الشخصية، وقد أجاب الشيخ مؤكدا على أهمية التقنين للأحكام الشرعية، وعدم الاقتصار في التقنين على اجتهادات مذهب واحد، والاستفادة من اجتهادات أئمة المذاهب الأربعة جميعا، والمذاهب والاجتهادات الأخرى كمذهب الليث، وابن جرير، واجتهادات أئمة التابعين، وفقهاء الصحابة.
استقبال حافل
وحسب برنامج وجدول وأجندة زيارة الشيخ القرضاوي لجنوب إفريقيا انتقل إلى زيارة مكتب مؤسسة القدس بجوهانسبرج، حيث استقبله المسلمون بالهتاف للأقصى، وبالوشاحات التي زينها علم فلسطين، وألقى الشيخ كلمة عن دور المسلمين في الحفاظ على القدس، ومواجهة الأخطار التي تحيط بها، منوها بدور المسلمين في جنوب إفريقيا في الاهتمام بالقدس المحتلة والدفاع عنها.
كما زار الشيخ مركز التوحيد الذي يشرف عليه أحد الدعاة المصريين، وهو الشيخ عبد السلام بسيوني، وألقى الشيخ كلمة عن ثاني واجبات الأقلية المسلمة، وهي التفقه في الدين، أو تعلم الإسلام، فلا يكفي أن يشهد المسلم الشهادتين ثم يذوب في المجتمع، لا يعرف حلالا من حرام، ولا يعرف الدين الذي انتمى إليه على حقيقته، وقد أكد الشيخ على أن المطلوب معرفته من المسلم هو الأهداف العامة للإسلام، والمقاصد الأساسية، والإسلام المعتدل الحضاري الوسطي، منبها على عدم الاستغراق في التفصيلات الكثيرة التي تحويها الكتب الأمهات في الفقه الإسلامي، وإنما يلتزم بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم: quot;صلوا كما رأيتموني أصليquot;، و quot;خذوا عني مناسككمquot;.
شهد المحاضرة كل من سعادة السفير السوداني، وممثل عن السفارة الإماراتية، وممثلون عن السفارة المصرية.
وانتقل الشيخ القرضاوي أمس إلى مدينة كيب تاون، أجمل مدن جنوب إفريقيا ليلقي محاضرة أخرى لمسلمي المدينة عن الإسلام والمسلمين.
التعليقات