أمل زاهد

عنوان مقالي مقتبس من عنوان كتاب الدكتور عبد الله الوشمي الجميل (فتنة القول بتعليم البنات)، فما أشبه ما يمر به مجتعنا اليوم فيما يتعلق بقيادة المرأة بموضوع تعليم البنات من حوالي خمسين سنة مضت! وماتأجج على الساحة السعودية وقتها من صراعات أوضح المؤلف مساراتها ومنعطفاتها في كتابه المهم، وذلك حتى ولد قرار تعليم البنات متجاوزا عنق زجاجة الرفض والممانعة! واليوم تضع جريدة الرياض موضوع قيادة المرأة من جديد تحت مجهر العرض عبر تقرير ضاف بعنوان ( قيادة المرأة للسيارة كيف نبدأ بالتطبيق ) . والتقرير يستعرض عددا من الآراء لحقوقيين وقانونيين وعلماء شرعيين وعلماء اجتماع ومختصين بالشأن المروري في قضية قيادة المرأة للسيارة . وعرج التحقيق على المشاكل والإهانات التي قد تتعرض لها المرأة من سائقها والمخاطر الأخلاقية والأمنية والتجاوزات ، والأموال الهائلة المحولة إلى الخارج ! وقد أجمع العلماء الشرعيون الذين استعرض التحقيق آرائهم بأنه ليس هناك مسوغ شرعي يمنع المرأة من قيادة السيارة بل هي حق شرعي قبل أن تكون حاجة ملحة كما يرى الشيخ أحمد بن باز . ودعا الشيخ عبد الله المطلق القاضي السابق للسماح للمرأة بقيادة السيارة عاجلا فالمرأة في الضواحي والقرى تقود السيارة منذ عقود من الزمن ، ولم تسجل على النساء ممن يقدن السيارات أية مشاكل على الإطلاق بل كسبن الاحترام بشجاعتهن واحترامهن للأنظمة المرورية ، بما يفوق احترام الرجال لقوانين المرور ! بل يرى الشيخ أن في قيادتها لسيارتها درءا لمفاسد السائقين وما يخلقه وجود هذه الشريحة من مشاكل أخلاقية !
تمارس المرأة العربية والمسلمة في كافة أصقاع الأرض حقها الشرعي والإنساني في قيادة سيارتها لقضاء احتياجاتها والذهاب إلى عملها أو إيصال أطفالها لمدارسهم دون أن تسقط قناع الفضيلة أو تدمر القيم وتنتهك الأخلاق كما يحاول البعض إيهامنا بحدوثه في حال السماح للمرأة بالقيادة عندنا ! بينما لاتزال المرأة السعودية الراغبة في القيادة تجاهد لتفتح كوة في جدار الممانعة ، رغم أن القرار في حال صدوره لن يجبر من لا تريد القيادة على ذلك !والعجيب إخضاع أية تحديثات تخص المرأة للتهويلات والمبالغات الممجوجة ، وكأن مجتعنا خلق من طينة أخرى غير طينة باقي البشر الذين تخالجهم نوازع الخير والشر، ويتم كبح جماح الخارجين منهم بحد القوانين الرادعة ! والشاب السعودي الذئب السعران الباحث عن الفريسة في مجتمعه يتحول إلى حمل وديع بمجرد تجاوزه حدود بلاده بقوة القانون ، فلا يجرؤ على التحرش بإمراة أو الاقتراب من فتاة تقود السيارة ! والأعجب أن تستنفر القوى وتشحذ الهمم للرفض المصحوب بتضخيم الأخطار والمبالغة في المآلات والنتائج في القضايا التي تصب في صالح المرأة أو لها علاقة بتحديثات تكون المرأة طرفا فيها ، ثم يتم إغفال المخاطر والخسائر الضخمة المصاحبة لإبقاء الوضع على ما هو عليه !
الزمن لا يتوقف وصيرورة التحديثات تمضي رغم الممانعات ، ووحده القرار السياسي الشجاع المدعوم بقوانين وأنظمة تردع المتجاوزين سيعيد للمرأة حقها الشرعي المسلوب منها ، ومن هذا المنبر أناشد ولاة الأمر بالسماح للمرأة بالقيادة عاجلا غير آجل!