ماهر ابو طير

تفتت العالم العربي ، ومعادلة القسمة على اثنين ، مقبولة في الارقام ، غير انها امست معادلة سياسية ، بامتياز ، في مشرق العرب ، ومغربهم ربما.

quot;القسمة على اثنينquot;وطنيا ، هو اخطر مانواجهه في العالم العربي.الانشطارات تتوالى في العالم العربي.شمال السودان وجنوبه.المسلمون والمسيحيون.في العراق كل شيء يعمل تحت وطأة هذه المعادلة ، اي القسمة على اثنين ، عرب واكراد.سنة وشيعة.حتى المذهب الواحد يخضع لذات المعادلة.العراقيون الشيعة من التيار العروبي ، والعراقيون الشيعة من التيار الايراني ، ومن العراق نذهب الى لبنان ، فتكتشف ان القصة ذاتها ، مسلمون ومسيحيون.موارنة وغير موارنة.شيعة حركة امل ، وشيعة حزب الله.حتى جماعة امريكا في لبنان انقسموا على اثنين.

المحاصصة وتفتيت الوحدة الاجتماعية والسياسية ، نهج امريكي بحد ذاته ، ومقصود لذاته ولنتائجه ، ولم يأت عبثا.اليوم نتحدث عن اكثر من عراق واحد ، ولبنان واحد ، وسودان واحد ، والمرض يمتد من بلد الى بلد.المحاصصة الطائفية والمذهبية والجغرافية والسياسية ، مقصودة ومطلوبة.حتى في فلسطين كل شيء قابل للقسمة على اثنين ، وقد كنا نسمع عن ثورة فلسطينية واحدة ، لكننا نسمع اليوم ، عن فتح وحماس ، عن غزة وعن الضفة ، وغدا سنسمع ، عن الحارات التي ستخضع لمعادلة القسمة على اثنين ، وهي معادلة انشطارية ، بدأت بالمحاصصة الفصائلية ، وامتدت الى كل شيء.

لماذا تخوض واشنطن حروبها المقدسة وغير المقدسة ، بعد يومنا هذا.حروب التقسيم والتفتيت اسهل واقل كلفة.واشنطن تخسر اذا ارسلت جندها الى الجغرافيا العربية المريضة والهشة.بدلا من ذلك استحدثت معادلة quot;القسمة على اثنينquot;وغذتها بوسائل مختلفة.وجلست تتفرج على هذه الهشاشة التاريخية التي لم تحتمل رصاصة عابرة ، حين خرج العرب من داخل موقد النار وقد اشتعلت وجوههم وافئدتهم بحقد غريب ، كامن منذ الاف السنين ، لان مثل معادلة quot;القسمة على اثنينquot;لاتعمل ولاتنجح ، الا اذا وجدت قابلية للنجاح ، وقد اكتشفنا اننا عرب القسمة على اثنين.لم نأخذ من الرياضيات سوى هذه المعادلة ، اما الجمع والطرح والضرب ، فمن نصيب من انتج هذه المعادلة وزرعها بيننا.

المؤسف حقا ، اننا مثل الخلايا الانشطارية في العالم العربي ، سياسيا واجتماعيا ، ننشطر دوريا ، وكل خلية تتولد منها خلايا انقسامية اخرى.ما سرّ هذه الهشاشة التاريخية ، التي تجعل كل الارقام الفردية والزوجية لدينا قابلة للقسمة على اثنين.لاتوجد ارقام عصية على القسمة.الكل قابل للقسمة ، وكأن بيننا ثارات منذ اربعة الاف عام.لترتاح واشنطن ومن معها.فهذه ثقافة اثبتت انها معقدة ومركبة ، ليست بحاجة الى كثير من عمل ضدها.مبدأ القسمة على اثنين بديل الاحتلالات والحروب المباشرة ، وهو مبدأ اكثر خطرا منها ، لان كثرة منا تتبناه بحسن نية او سوء نية.

مادمنا نؤمن بالقسمة على اثنين ، فاننا سنرى ماهو اسوأ واكثر بشاعة في مقبل الايام.