مهنا الحبيل

‮ ‬ما بين لبنان والعراق صلة دقيقة تحكم سيناريو إعادة الصف السياسي‮ ‬للمشهد والوصول إلى خريطته،‮ ‬بالإمكان أن‮ ‬يجيبنا عن هذه الخلطة التي‮ ‬تجري‮ ‬في‮ ‬العراق سياسة ودماء من تخدم،‮ ‬ففي‮ ‬لبنان تم تنفيذ التوافق الإقليمي‮ ‬الدولي‮ ‬إلى التراجع وراء خط النار،‮ ‬وسحب السلاح إلى المخازن ربما مؤقتاً؛‮ ‬غير أنه جرى من خلال صفقة،‮ ‬لذا انطلقت القوى المحسوبة على إيران وحليفها للعودة بقوة إلى الساحة السياسية،‮ ‬عن طريق ذات المنهج الذي‮ ‬استورد للعراق وهو المحاصصة والمغالبة الطائفية،‮ ‬وواضح أن إعادة توجيه حزب الله حالياً‮ ‬تجري‮ ‬في‮ ‬هذا الاتجاه،‮ ‬وليس من الواضح أين ستتجه رياح المحكمة الدولية مع الصفقة،‮ ‬لكن حتى الآن سفن إيران هي‮ ‬العابرة وهي‮ ‬التي‮ ‬تهدد وتسترضى على مسرح بيروت‮. ‬ أما في‮ ‬العراق فالمقاربة أن إيران تمسك بالمشهد تماماً،‮ ‬وقد أظهرت حلقة الانتخابات الأخيرة أن الأمريكيين لم‮ ‬يغيروا من قواعد اللعبة سواء كان ذلك اضطراراً‮ ‬أو مسايرة،‮ ‬للحفاظ على روح الاتفاق الذي‮ ‬عقدته مع طهرن واسقط من خلالها العراق العربي‮ ‬القوي‮ ‬وليس نظام الرئيس صدام،‮ ‬فقواعد ذلك الاتفاق كانت تنطلق من تحييد المشرق العربي‮ ‬والخليج العربي‮ ‬على وجه الخصوص من قوة العرب بغض النظر عن النظام الحاكم وعدالته أو تطرفه‮.‬ لذا نلاحظ أن تدوير الأطراف السياسية المحسوبة على الاستقلال عن إيران أو التابعة لها‮ ‬يأتي‮ ‬من خلال طهرن ذاتها سواءً‮ ‬عبر رحلات الحج إليها من قوى الاستقلال الفاقدة لأي‮ ‬قدرة ممانعة،‮ ‬لأن استقلالها المشكوك فيه مرتبط بواشنطن من جهة،‮ ‬ومن جهة أخرى هو ضعيف متهالك‮ ‬يقوم على توازن الرعب المؤقت الذي‮ ‬قد‮ ‬يسحق في‮ ‬أي‮ ‬لحظة‮.‬ إن التوازن الذي‮ ‬يمكن أن‮ ‬يصمد في‮ ‬كل تاريخ الحروب والنزاعات‮ ‬ينطلق من قدرات أرضية على واقع ساحة الحرب،‮ ‬وهو توازن تتعامل معه الأطراف المعادية لهذا الخصم أو ذاك اضطراراً‮ ‬لا تصدقاً،‮ ‬ولا‮ ‬يوجد في‮ ‬العراق كرهان منظور عملياً‮ ‬واستراتيجياً‮ ‬ما‮ ‬يواجه تقاطعات المشروع الأمريكي‮ ‬والإيراني‮ ‬أو تغول طهران سوى قوى المقاومة العراقية كتحليل مبدئي‮ ‬وليس سياق خطاب عاطفي،‮ ‬فإيران كانت في‮ ‬توازن أكثر صعوبة في‮ ‬لبنان ومع ذلك أخذت حتى الآن على الأقل معظم كعكة الصفقة،‮ ‬فيما هي‮ ‬تنظر إلى عودة العراق العربي‮ ‬كخسارة استراتيجية شاركت لأجلها بكل ما تملك من قوات موالية ودعم لوجستي‮ ‬ومالي‮ ‬لتحقيقه مع واشنطن،‮ ‬فهل‮ ‬يعقل أن توافق هكذا على تنازل لهذا الخليج،‮ ‬إنما هي‮ ‬جولة‮.. ‬ثم تعود إيران عبر التفجير أو التفخيخ السياسي‮ ‬لإحكام المشهد،‮ ‬خاصة أن تسخين الإيرانيين للحرب الطائفية عن طريق المالكي،‮ ‬وحتى حديث الصدر المضطرب‮ ‬يثير توقعات كارثية وراءه،‮ ‬وفي‮ ‬كل الأحوال فإن وضع العراق وتداعيات هذه الجولة الجديدة من الحرب الطائفية‮ ‬ينبئ هذه المرة بزلزال للمنطقة،‮ ‬وإيران تعتقد أنه ما دام بعيداً‮ ‬بعد هزيمة اضطراب الداخل فقد‮ ‬يخدمها أكثر‮.