علي سعد الموسى
من يشاهد لافتات الجمهور الإيراني عندما تستضيف أنديته الرياضية فرقاً سعودية بالتحديد فسيلمح تماماً أن حشد الأدبيات السياسية والتعبوية قد أفضى إلى شعب مأزوم ومحتقن. وباللغات العربية والفارسية والإنجليزية كان الجمهور الإيراني في ملاعب كرة القدم يرفع شعارات استشعار بالهوية، وعلى رأسها لافتات تشير إلى (فارسية) الخليج، وبالإنجليزية الواضحة تمتد لوحة قماش عملاقة يرفعها الجمهور وقد كتب عليها: (IT IS Persian Gulf for ever) ، أو ما ترجمته: الخليج الفارسي إلى الأبد. تحويل كرة القدم إلى كرنفالات شعارات سياسية لا ترفعه إلا الجماهير المأزومة في قلب هويتها، وعندما يرفعه الإيرانيون بالتحديد على السعوديين فإن الإشارة أكثر من لافتة. والملفت أن هذا الطيف التعبوي من الشعارات قد امتد إلى مصطلحات ndash; الثورة ndash; وولاية الفقيه وآل البيت الكرام، وهنا بيت القصيد من هذه الشعارات المختلفة: أسوأ أنواع التعبئة السياسية ليس بأكثر من اعتقاد شعب أو فصيل أو مجتمع أن هذه الشعارات تبعث رسائل استفزاز إلى الضفة المقابلة، لأنها تبرهن تماماً أن حاملي الشعارات قد ذهبوا إلى المكان الخطأ من النزال الفكري. وكمستقبل لهذه الشعارات السياسية التعبوية لا شيء لدي سوى الضحك وإذا كان رافعو الشعارات مؤمنين بفارسية الخليج فإن المسألة لدي لا تحمل ركناً واحداً من قضية ولا تهمني في المطلق أسماء البحار والخلجان، وكل ما لدي من براهين التاريخ أنني أعرف حدود وطني وأعرف أكثر من هذا أنني حافظت على الشبر الأخير منها في قلب الماء لثلاثمئة عام متصلة. أنا لا أحمل أزمة هوية ولا أحمل أيضاً عقدة نقص ثقافي، فالجمهور (الفارسي) الذي كان يشجع لوحاته التعبوية أكثر مما يشجع نزال الكرة في الميدان كان يرفع هذه اللوحات بحروف عربية واضحة مطلقة وهنا يبرز سؤال التاريخ: من أين أتت هذه الحروف؟ ومن أين وصلت هذه الكلمات العربية الخالصة إلى قلب القاموس الفارسي رغم أنها لغة آرية هندوأوروبية في المنشأ والحروف؟
- آخر تحديث :
التعليقات