دبي الحربي

أن تلقي سلطات الأمن القبض على شبكة تجسس فهو أمر طبيعي ويدخل في صميم مهماتها، وهو أمر غير مستغرب ان تزج ايران باجهزة مخابراتها في دول المنطقة حيث المصالح الاميركية في ظل التصعيد الأميركي ضد إيران، ومع الاسف ان ذلك يدخل في اطار الخلل الذى احدثه الغزو الاميركي للعراق وتسليمه على طبق من ذهب لايران كما صرح في ذلك وزير الخارجية السعودي. فرد الفعل الاميركي على احداث 11 سبتمبر كان اهوج وغير مدروس ادى الى تفكيك بنية الدولة العراقية مما جعلها لقمة سائغة للمتربصين شرا في المنطقة وموضع منازلة ضد اميركا نفسها لا ضد دول الجوار العربية نفسها .

المستغرب فعلا ليس الخبر ولكن التصريحات الصادرة من أعضاء مجلس الأمة تجاه هذا الحدث وكأن في الأمر شماته من طرف الآخر ضد الطرف الاخر ، وبدلا من أن تكون هناك تصريحات متزنة وواعية لابعاد الحدث سياسيا ودبلوماسيا وامنيا، بات البعض يحاول النيل من الآخر، فثوابت الأمة في تصريحات ممثليها تريد من هذا الموضوع النيل من ثوابت الشيعة، وهؤلاء في رد فعلهم اختلط عليهم الحابل بالنابل فاختلطت تصريحات الاشادة بالانجاز الأمني بالتصريحات المحرضة ضد laquo;الخلايا النائمةraquo; كما اسموها بالقاعدة وطالبان، على الرغم ان هذا الموضوع من الحساسية بمكان ولا علاقة له بالمذهبية وانما يدخل في مصالح الدول، فايران وان رفعت شعار الإسلام الجعفري، فهذا الشعار لا يعدو ان يكون لخدمة اطماعها الاقليمية والتأثير سلبا على الاستقرار والنسيج الاجتماعي في محيطها الاقليمي ودفعها قسرا لارتماء في احضان الاجنبي، فايران التي طالب رئيسها في عيد الجيش بطرد القوات أو الوجود الغربي في المنطقة لم يبد حرصا في المقابل لإشاعة الاطمئنان لدى شعوب ودول المنطقة، حول الدور والمخطط الايراني، فطهران التي تعمل جاهدة في جنوب العراق لشراء العقارات والمواقع المحيطة في النجف، وتصرف مئات الملايين من الدولارات لشراء الولاءات في هذا الجزء العزيز من عراقنا، وتعمل للاجهاز على مسيرة العملية السياسية بعد ان أدلى العراقيون باصواتهم ضد هذا التغلغل الايراني في الشأن العراقي، ورفضوا كما يرفض قطاع كبير من الايرانيين الخضوع السياسي للشيعة أو السنية السياسية، وفرض نظام لاهوتي مشابه لما هو موجود في ايران، في ظل تراجع المد الاصولي بعد ان انداح الدعم الاميركي للاصوليات في العالم مع ابطال موسكو لمفاعيل الحرب الباردة وتركيز القوى التقدمية الفاعلة في العالم على حقوق الانسان الاولية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية بعيدا عن الفكر الايديولوجي المعلب، واستبداله بفكر مرن يستجيب لتطلعات الانسان وفق انضباطية في دور الدولة الوظيفي، في حماية حقوق الانسان . فالعراقيون صوتوا لمنطق الدولة والمواطنة ويبدو ان هذا الامر ازعج ايران وحلفاءها فها هي تحاول الاجهاض على هذا المنجز العراقي .

إذا كان ما تحقق يعتبر انجازا امنيا يسجل للكويت وقبلها البحرين في تداعيات اتهام وزير بالتواطؤ في غسيل اموال لصالح الحرس الثوري الايراني، فعلى القوى السياسية الوطنية ان لا تزج في هذا الموضوع لشق الصف الوطني والوحدة الوطنية في ظل اتهامات متبادلة، وتشكيك في ولاءات الآخر، مما يفقد هذا الانجاز الأمني أهميته ويحرفه عن سياقه الوطني.