محمد السعيد ادريس

من المقرر أن تبدأ المفاوضات الفلسطينية ldquo;الإسرائيليةrdquo; غير المباشرة خلال أيام من دون أن يكون لدى أي مسؤول فلسطيني أو عربي أي درجة من اليقين بخصوص فرص نجاح هذه المفاوضات، ولا بمدى التزام الإدارة الأمريكية بالوعود التي حصل عليها العرب، وبسببها أوصوا السلطة الفلسطينية بالانخراط في التفاوض .

لكن الأهم من ذلك أن أحداً لا يعرف، وربما لا يريد أن يعرف، ما الخطوات العربية القادمة في حالة فشل هذه المفاوضات، وفي حالة التراجع الأمريكي عن الوعود، التي لم تعد غامضة، والتي حسمتها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للقادة العرب عندما طالبتهم أولاً بإعطاء ضوء عربي للسلطة الفلسطينية، يقضي بقبول التفاوض غير المباشر من دون توقف عند شرط الإعلان ldquo;الإسرائيليrdquo; المسبق وقف التوسع الاستيطاني في القدس الشرقية وباقي الضفة الغربية .

مطالب الوزيرة الأمريكية من العرب التي اقترنت بدعوتهم إلى إعلان قبول بدء التفاوض غير المباشر شملت أولاً، وقف إمداد من أسمتهم بالمنظمات الإرهابية بالأسلحة . وحسب قولها: ldquo;كل صاروخ يهرب إلى جنوب لبنان وغزة يعرقل قضية السلامrdquo;، وثانياً، مواصلة تزويد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بما يحتاجه للتفاوض ldquo;بحسن نية مع ldquo;إسرائيلrdquo;rdquo;، وبالمزيد من دعم الخطط التنموية للسلطة، وثالثاً، وهذا هو الأهم ldquo;أن تمد الدول العربية يدها إلى ldquo;إسرائيلrdquo;، وأن تنهي عزلة ldquo;إسرائيلrdquo;، وأن تبدأ بالدخول في محادثات معها حول القضايا الإقليمية الأساسية بدءاً بسلسلة من اجراءات التعاون التي يجب أن تشمل مجالات عدة مثل فتح مكاتب تجارية ldquo;إسرائيليةrdquo; والسماح للطائرات ldquo;الإسرائيليةrdquo; بالعبور فوق الأراضي العربية، بمجرد حدوث تقدم في المفاوضات .

هذه مجرد أثمان ومطالب أولية على العرب دفعها بمجرد حدوث تقدم في المفاوضات، أما الأثمان الكبرى فهي تخص الفلسطينيين، وبالذات ما يخص استمرار التوسع الاستيطاني، واستبعاد القدس من التفاوض، والقبول بدولة فلسطينية ذات حدود مؤقتة على أجزاء من الضفة شرط أن تكون منزوعة السلاح والقبول بعدم الحديث عن حق العودة .

رغم ذلك فإن ل ldquo;إسرائيلrdquo; حساباتها الخاصة وأولوياتها ولا تجامل فيها الولايات المتحدة، وهذا ما أكده بنيامين نتنياهو عندما تجرأ على الولايات المتحدة والإدارة الأمريكية ورئيسها باراك أوباما عشية الاحتفال بذكرى إنشاء الكيان .

ففي جلسة مجلس الوزراء قال نتنياهو إن ldquo;على ldquo;إسرائيلrdquo; الا تثق بالغرباءrdquo; واستخدم في لقائه مع الصحافيين عبارة صاحب فكرة الدولة اليهودية هرتزل التي أوصى فيها اليهود بألا يثقوا بمساعدة الغرباء، لأن الغرباء يمنحون صدقات مهينة، والحجارة لا تلين، على الشعب الذي يريد أن يكون منتصب القامة أن يضع ثقته بنفسه فقطrdquo; .

لم يكن هذا التحدي من جانب نتنياهو للرئيس أوباما استثنائياً أو عارضاً بل كان يعبّر عن إدراك ldquo;إسرائيلrdquo; باختلال توازن القوى بين ldquo;إسرائيلrdquo; والرئيس أوباما لغير صالح الأخير لدى الرأي العام الأمريكي حسب ما كشفه الكاتب ldquo;الإسرائيليrdquo; يورام اتينجر في صحيفة ldquo;يديعوت أحرونوتrdquo; في قراءته لنتائج أحدث استطلاعات الرأي التي أجراها معهد أبحاث جامعة كوينفياك الأمريكية الشهير .

فحسب أحدث استطلاعات أجراها هذا المعهد عارض 44% سياسة أوباما التي تضغط على ldquo;إسرائيلrdquo; مقابل تأييد 35%، ويؤيد 57% ldquo;إسرائيلrdquo; مقابل 13% يؤيدون الفلسطينيين .

هذه النتائج تتزامن مع اقتراب موعد انتخابات الكونجرس التي ستجرى في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، في وقت تتدهور فيه شعبية الرئيس أوباما . وفي مثل هذه الظروف سيتجه النواب إلى التضحية بالرئيس مقابل فوزهم، ما يضعه في موقف صعب أمام حزبه الديمقراطي الذي يخشى خسارة أغلبيته في الكونجرس لسبب سياسات الرئيس الخاطئة، وبالذات ما يتعلق بخلافاته مع ldquo;إسرائيلrdquo;، وعندها لن يقبل هو الآخر أن يضحي بنفسه وبحزبه لإرضاء الفلسطينيين والعرب، والنتيجة هي الخضوع للمطالب ldquo;الإسرائيليةrdquo; ولتذهب المفاوضات إلى الجحيم .