سعد بن عبد القادر القويعي

أصبح الحديث عن الخلايا الإرهابية الإيرانية النائمة، والأرصفة السرية المزروعة من قبل الحرس الثوري في دول الخليج العربي، وفي دول عربية أخرى، يشرف على تدريبها كوادر فيلق القدس الإيراني، وأسطول الحرس الثوري،

والقوات البرية، والقوات الجوية، إضافة إلى قوات الباسيج، فضلاً عن وجود وحدة استخبارات، بخلاف وزارة الاستخبارات الإيرانية، من الحقائق الملموسة التي لا تحتاج إلى برهان. وخذ على سبيل المثال، ما أعلنته الأجهزة الأمنية الكويتية - قبل أيام -: عن كشف خليّة تجسس إيرانية في الكويت، وتفكيك شبكة تخابر وتجسس لمصلحة الحرس الثوري، تهدف إلى رصد المنشآت الحيوية والعسكرية الكويتية، ومواقع تواجد القوات الأميركية في البلاد.

هذه الخلايا، والتي يعمل بعضها في العمل الاستخباراتي، والبعض الآخر تصل كخلايا إرهابية نائمة، يرتبط نشاطها برؤية صانع القرار السياسي في إيران. تبقى كذلك إلى أن يطلب منها افتعال المشكلات، والقيام بمهمة فتح حرب غير نظامية ضد الأنظمة الحاكمة في هذه الدول، دون أن يحيدها رادع ديني، أو أخلاقي، أو إنساني. وتعتبر هذه الخلايا أشد فتكاً من القوات النظامية، حيث تكمن خطورتها في سريتها - هذا من جهة -، - ومن جهة أخرى - ففي استطاعتها فتح جبهات داخلية؛ من أجل إثارة الفتن والقلاقل، وزعزعة الأمن والاستقرار.

تحدث مرة - السفير الإيراني - عادل الأسدي، الذي انشق عن النظام الإيراني عندما كان قنصلاً عاماً لبلاده في دبي عام 2003م، وطلب اللجوء السياسي في السويد، عن أمر هذه الخلايا الإرهابية النائمة الموجودة في دول الخليج العربي، والتي ترتبط بخيوط مع السفارات الإيرانية، من أن تلك: laquo;الخلايا النائمة منتشرة في كل الدول الخليجية دون استثناءraquo;. سارداً المراحل التي قادت إلى نشوء هذه الخلايا في الخليج، فقال: laquo;بعد قيام الثورة الإيرانية، أصبح لقوات الحرس الثوري قسم خاص سمي ب laquo;حركات التحررraquo;، والذي كان يتولى مهمة تمويل وتدريب العناصر الإسلامية المتشددة، الموالية للثورة الإيرانية في مختلف الدول الإسلامية على العمليات العسكرية، وكان يترأس القسم مهدي هاشمي، الذي جرى إعدامه بسبب دوره في كشف تفاصيل اللقاء السري الذي جمع laquo;هاشمي رفسنجانيraquo; بمبعوث الرئيس الأميركي - الأسبق - إلى طهران laquo;ماكفارلينraquo; إبان الحرب الإيرانية العراقية، وهو الأمر الذي اشتهر ب laquo;فضيحة إيران غيتraquo;، وتواصل قوات الحرس الثوري هذه المهمة حتى يومنا هذا، بالتنسيق مع الأجهزة الاستخباراتية والدبلوماسية الإيرانيةraquo;. وأوضح أنه: laquo;في الدول العربية والخليجية، تعمل الأجهزة الاستخباراتية في السفارات، والممثليات الإيرانية على استقطاب وتجنيد العناصر الشيعية المتطرفة، التي تدين بالولاء إلى النظام الإيراني على حساب ولائها لأوطانها، ومن ثم يتم إرسال هذه العناصر إلى إيران عبر دولة ثالثة، دون أن تختم جوازات سفرهم. وهناك تنظم لهم دورات تدريب عسكرية واستخباراتية وسياسية وإيديولوجية، وبعد عودتهم إلى أوطانهم يتم تنظيمهم، بحيث يتحول كل منهم إلى عنصر ناشط في خدمة أجهزة الاستخبارات الإيرانية في هذه الدول، والذي سيقوم بدوره بتجنيد عناصر جديدة لمصلحة شبكاتهم السرية، التي تنفذ أوامر وتعليمات طهران. علماً أن رجال الاستخبارات المتواجدين في السفارات، والممثليات، والمراكز الثقافية والتجارية، والمدارس، والمستشفيات، والنوادي، والمؤسسات التابعة للنظام الإيراني في الخارج، يضطلعون بدور أساسي في هذا الخصوصraquo;.

هذا الحديث لم يكن مفاجئاً لما تقوم به إيران والحرس الثوري، بل هي صورة من صور التغلغل الإيراني في دول المنطقة العربية، وبالذات دول الخليج العربي، وتحويل العمل الاستخباراتي من جمع معلومات، إلى تشكيل خلايا وتجنيد عناصر؛ لنشر المشروع القومي الفارسي، بما يحقق أرضية النفوذ السياسي، وإيجاد موطئ قدم خارج إيران، وترسيخ مكانتها كقوة إقليمية عظمى مهابة الجانب، وتحقيق هدف الثورة الإيرانية التي قامت عليه، وهو حلمها الذي طالما راودها منذ عقود طويلة، وذلك عن طريق عملائها الذين تغذيهم بالمال والفكر.

إن جاز لي أن أختم بشيء، فهو التأكيد على أننا أمام ظاهرة هي الأخطر منذ قيام الثورة الإيرانية، - وبالتالي - فإن على تلك الدول المعنية بالخطر أن تحزم أمورها بشكل أفضل، وأن تتخذ تدابير فعالة لكبح جماح تلك الخلايا. إذ يبدو أن أهم الأوراق التي ستلعب بها إيران في الوقت المناسب، هو: تحريك هذه الخلايا الإرهابية النائمة، وجعلها ورقة ضغط ضد دول الخليج العربي عندما تتعرض لعقوبات من المجتمع الدولي، أو الأمم المتحدة.