هاشم الجحدلـــي


لم يواجه العالم المعاصر فيروسا أشد فتكا من التطرف والإرهاب، فهذان العنصران عندما يشتركان في غواية واحدة يمدان بعضهما البعض بوسائل البقاء أطول وقت ممكن، كما يضخان كمية أكبر من الخطر في أوردتهما، مما يجعل بعد ذلك وضعهما كارثيا ومدمرا.
ومثلما كانت قوات الأمن تتصدى للجانب الحركي من الإرهاب، عبر تتبع خلاياه واصطياد رؤوسه واجتثاث عناصر فعاليته، كان الفكر الصحيح والمتصالح مع نفسه والمستند إلى قيم الدين وأخلاقه يعمل على أن يفرغ خطاب الإرهاب الأيديولوجي من عناصر تغذيته وتمدده وتضخيمه للأدمغة واستلابه للأرواح.
ولكن هناك عنصرا مهما كنا نعي تماما خطورته، وبسبب تدثره بأقنعة عدة أصبحت مواجهته تحتاج إلى رأي صارم وواضح وغير ملتبس ليتم اجتثاثه من الواقع، ومنع وسائل اختراقه للمجتمع.
هذا العنصر هو عنصر التمويل؛ ولذلك جاءت فتوى تجريم تمويل الإرهاب من مقام هيئة كبار العلماء، وتأييد الملك عبد الله لها أهم وثيقة حضارية موجهة للمجتمع والعالم بشأن الموقف من الإرهاب تمويلا وفكرا.
فإذا كنا نعرف تماما أن الإرهاب هو داء العالم الآن، فإن تمويله هو الأخطر والأفدح والأكثر تأثيرا.
لذلك، فإن تجريم تمويل الإرهاب هو الموقف الصحيح الذي اتخذناه بحزم ولذلك ننتظره، مثلما ننتظر الآن عقوبات رادعة تماما لا تسمح لهؤلاء بالتسلل إلى وجدان الناس أبدا.