مشعل السديري


كنت على وشك أن أشد شعر رأسي لولا أن تذكرت أنني أصلع، وأنا أتابع بعض فقرات اللقاء التلفزيوني الذي أجرته الإعلامية وفاء الكيلاني مع زوج سوزان تميم الأول علي مزنر، حيث ظهر ذلك الزوج في المقابلة بصورة تجلب الغثيان للمشاهد، إذ راح يتحدث عن اعتداءات، وصفقات مالية، وتزوير في أوراق رسمية كانت تجرى من خلف ظهر الفنانة، وكأنها مجرد مشروع استثماري، ويبدو أن هذا الزوج كان بوابة التعاسة الكبرى للحياة المضطربة التي عاشتها الفنانة بعد ذلك، عقب أن خذلها من اختارته زوجا لها، وضحت بأسرتها من أجله، فهذا الزوج هو الذي قادها بيده إلى عوالم لم تكن في دائرة اهتمامها، فجلبت لها تلك الأجواء سلسلة الحظوظ العواثر التي رافقت مسيرة عمرها لتصل ذروة المأساة بمقتلها عام 2008 في مدينة دبي.

وكنت قد كتبت في هذا المكان بتاريخ 12/8/2008 مقالا بعنوان laquo;من قتل سوزان تميم؟raquo; تحدثت فيه بأن سوزان كانت منذ البدء مشروع ضحية، ففي الخامسة من عمرها تهدم البيت التي كانت تلوذ بأمانه بسبب طلاق الوالدين فتأرجحت بين الطرفين، وفي بداية حياتها الجامعية تعلقت بعلي مزنر طوق نجاة، وتزوجته بحثا عن ملاذ وحماية واستقرار، ويبدو لي الآن يقينا أن من ظنته ملاذها كان العامل الرئيسي الذي جر عليها الويلات، وهو يزج بها في عالم الفن صبية ساذجة دون حماية، ودون إعداد نفسي للتعامل مع laquo;هواميرraquo; هذا الوسط وغيلانه، ودون تحصين لرأس هذه الصبية الصغيرة لتقاوم دوار الشهرة، وطغيان الجمال، فانقلبت حياتها رأسا على عقب، فخسرت حلمها كزوجة وكفنانة، وقادتها إحباطات عمرها من زوج لزوج، ومن مدينة لأخرى قبل أن تمسي مدينة دبي آخر ساحل لها وميناء، ففيها كانت نهايتها الفاجعة، التي لم تزل توابع زلزالها تشكل واحدة من أشهر محاكمات العصر، وأكثرها إثارة، ولأن الجريمة حدثت في دبي، المدينة العصرية التي لا تغمض عيونها فإن الجريمة لم تقيد ضد مجهول، ولم تذهب روح هذه المسكينة بلا مؤشرات اتهام.

ويمكن القول إن ثلاثة عوامل حاسمة أدت إلى النهاية الفاجعة لتلك الفنانة، وهذه العوامل هي: بعض شخصيات المحيط الذي عاشت فيه، ثم لعنة الجمال، فشخصيتها المغامرة أو الساذجة التي أقحمتها في اللعب مع الكبار، وهي التي لا تملك من شروط اللعبة غير الجمال.

سيرة سوزان تميم تصلح درسا وعظة وعبرة لكل الجميلات بأن يحذرن تهافت الذباب والثعالب والذئاب، فالجمال ليس دائما نعمة، ومن الجمال ما قتل.