سمير عطا الله

كان الصحافي المصري جلال كشك على جانب من الظُّرف، مثل 99,999% من المصريين. وكما يختص الناس بالأدب والفيزياء، اختص كشك بالنكات المتعلقة باسم العائلة المنكوبة، وبنوع آخر يروي حكايات laquo;المساندينraquo;، أو laquo;السنيدةraquo; أو laquo;الهتيفةraquo;، أو laquo;بتوع الإسمو إيهraquo;.

وكانت مهنة laquo;السنيدraquo; في القديم أن يرافق المطربين الجدد إلى الحفلات، فما إن laquo;يفقعraquo; المغني موالا حتى يقاطعه laquo;السنيدraquo; هاتفا: laquo;الله. الله. ذبحتني يا عليوهraquo;! فيضطر السامعون الآخرون، تهذبا، إلى الإعلان عن طربهم وانشراحهم، فيهتفون معه، أي مع laquo;السنيدraquo;، وله.

صدر في القاهرة كتاب في غاية الجدية، بعكس ما ينم عنوانه، هو laquo;لماذا يصفق المصريونraquo; للدكتور عماد عبد اللطيف. ويحدد العنوان التصفيق عند المصريين، لكن الكتاب يروي في الحقيقة تاريخ التصفيق عند جميع الشعوب، خصوصا الحضارية منها. وقد بدأت laquo;صناعةraquo; أوlaquo;تجارةraquo; أو laquo;مهنةraquo; التصفيق عند اليونانيين، حيث كان أصحاب المسارح يستعينون بالمصفقين المأجورين من أجل إلهاب مشاعر الناس.

وقد خصص الإمبراطور الحارق، نيرون، فرقة من 5 آلاف فارس وجندي، لها مهمة واحدة، هي التصفيق في الحفلات التي يعزف فيها الموسيقى. تصور إذا صفق 5 آلاف عسكري، ماذا ستفعل بقية الحضور؟ ويقول الدكتور عبد اللطيف إن النقوش المصرية القديمة مليئة بصور laquo;السنيدةraquo;، أي المصفقين الذين يصاحبون المغنين، تماما مثل الفرقة الموسيقية.

وكان أحد laquo;السنيدةraquo; في نكات جلال كشك يرافق laquo;فشاراraquo; كبيرا. وروى هذا مرة لسامعيه أنه عندما كان طفلا، كانت قرب منزلهم نخلة علوها 30 مترا وفوق النخلة مطحنة. وشخر السامعون ساخرين من المبالغة، فقال laquo;الفشارraquo;: laquo;طب ما تسألوا عبد المتعالraquo;. والتفتوا إلى عبد المتعال يسألونه، فأجاب: laquo;كداب ده كداب. تلاتين متر إيه. كداب ده كداب. إنما اللي أنا فاكره، إن الجمل كان يطلع النخلة محمل قمح، وينزل محمل دقيقraquo;!

يعدد الدكتور عبد اللطيف أنواع التصفيق من خلال laquo;الهتيفةraquo;، فيقول إن بينها العفوي والصادق والمعبر والمعد سلفا، وأسوأها التصفيق القهري. وجميع هذه الأنواع سائدة في العالم العربي. ومزدهرة.