علي الشريفي

بخطوات ثابتة تشهد المنطقة العربية، ولاسيما الدول الواقعة منها في الشرق الأوسط، دخول قوتين إقليميتين هما إيران وتركيا.

وصراع تركيا وإيران على هذه المنطقة الحيوية في العالم غير مخفي ولا ينفيانه، لأن مصالح بلديهما تتطلب تواجدهما الفاعل في أغنى منطقة بالموارد النفطية، ولا أعتقد أن عاقلاً يمكن أن يطلب منهما الاهتمام بشعوب المنطقة والدفاع عن مصالح الأنظمة العربية فيها على حساب مصالح بلديهما.

بالمقابل تتعامل معظم الدول العربية (أنظمة وشعوباً) بحذر مرة - كما مع الموقف من إيران - وتفاعل مرة أخرى - كما مع تركيا - مع هذا الصعود المباشر.

طبعاً لا يمكن لأحد أن يقول ليس من حق تركيا وإيران أن يكونا قطبين أساسيين في المنطقة، فهما من أكبر دولها نفوساً وسكاناً واقتصاداً، وحضارتاهما لا يمكن أن يحجبهما حاجب. لكن أين أخطأت إيران وأين نجحت تركيا لنيل موقعهما في المنطقة؟

في حدث قافلة الحرية التي سَيَّرت تركيا فيها أكبر سفينة هي laquo;مافي مرمرةraquo;، وكان الأتراك أكبر المشاركين عدداً في الحملة التي انطلقت لكسر الحصار عن قطاع غزة، ونهايتها الدموية التي جاءت بعد قيام إسرائيل بإنزال جوي قتلت خلاله عشرة نشطاء سلام كان أربعة منهم أتراك، وما رافق ذلك من تصعيد تركي هز معظم دول العالم ومن بينها العربية، بدت تركيا تتصدر المشهد الإسلامي وتقاتل نيابة عن الدول العربية والإسلامية في صراعها مع إسرائيل.

كل ذلك منح تركيا ثقلاً دولياً أهلها لأن تتعدى كل الأقطاب الأجنبية الباحثة عن موطئ قدم في المنطقة، ودفعت مع موقفها ذاك دولاً أخرى للقيام بخطوات على الأرض لتتساوى مع الموقف التركي، ففتحت مصر معبر رفح، فيما راحت الدول العربية (عبر مجلس الجامعة) تناقش قرارات كبيرة مثل رفع الحصار نهائياً عن غزة وتجريم إسرائيل على فعلتها.

laquo;قافلة الحريةraquo; أشارت إلى أن تركيا صارت وكأنها تقود بهذا الشكل أو ذاك الرأيين الشعبي والرسمي في المنطقة العربية، لعلاقاتها المتينة مع أميركا والغرب وإسرائيل أولاً، ولدعمها لقضايا المنطقة ثانياً.

موقف تركيا الأخير لم يكن جديداً، حيث تصدرت أنقرة من خلال حكومتها ذات التوجه الإسلامي خلال السنوات القريبة الماضية المشهد في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وكسبت مع موقفها هذا تأييداً شعبياً ورسمياً قلما تجده دولة من دول الجوار العربي، بالمقابل كانت إيران تمثل للعرب عامل تأزيم أدى فيما أداه إلى توجس شعبي ورسمي من نواياها، والذي سنعود له في مقال آخر.