عبدالله النويصر
تعددت الفتاوى الشرعية، وأصبح كل يفتي، سواء عن علم ومعرفة، أو عن اجتهاد خاص، وأصبح المتلقي تائها بين هذا وذاك، ويريد معرفة المصدر المخول بهذه الفتاوى الذي يمكن الاستقاء منه والاعتماد عليه.
قبل عقود صدرت فتاوى بعدم جواز تعليم المرأة، باعتبار أن التعليم من عمل الشيطان، وفيه مفسدة للمرأة ومن ثم الأمة، ولم يقدموا دليلا أكيدا وصريحا من الكتاب والسنة.. حتى أخذ الملك فيصل (طيب الله ثراه ) القرار الحاسم بافتتاح أول مدرسة لتعليم البنات. بعد ذلك صار الذين أفتوا بعدم جواز تعليم المرأة من أوائل السباقين الذين سعوا لتعليم بناتهم، بل وطالبوا الدولة بافتتاح مزيد من مدارس البنات في مدنهم.. فلماذا ضاعت السنوات السابقة من عمر تعليم المرأة؟! عندما دخلت السيارة لبلادنا لأول مرة (بعد الاعتماد على الحمير والجمال والبغال في التنقل والمواصلات) صدرت فتاوى بعدم جواز ركوبها لأنها من حمير الشيطان، وأن فيها مفسدة للعباد والبلاد.. ثم أصبحوا بعد ذلك من أوائل المقتنين لأفخم السيارات وأكثرها حداثة!! وعندما هبطت أول طائرة في بلادنا صدرت فتاوى بعدم جواز استخدامها لأنها جناح إبليس، وأن فيها مفسدة! ثم صاروا من أوائل الذين يسافرون على متن رحلاتها، ويستمتعون بخدماتها ووسائل ترفيهها!! وعند استيراد (التلفزيون) أصدروا فتاوى بعدم جواز ذلك لأنه صوت الشيطان.. وأخذوا يتصيدون (الدشات) بالبنادق على أسطح المباني كما يصيدون الطيور.. ومن ثم صاروا من أوائل الذين يقتنونه ويختارون الأحدث منه!! وأفتوا بعدم جواز قيادة المرأة للسيارة، لأنها من عمل الشيطان، وأن فيها مفسدة للعباد والبلاد، علما أن المرأة كانت في صدر الإسلام تقود الحمير والجمال (لعدم توفر وسائل مواصلات أخرى) ولم ينكر عليها ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا الصحابة الإجلاء. وبالأمس طالعتنا فتوى بعدم جواز ممارسة المرأة للرياضة البدنية، لأن في ذلك اتباعا لخطوات الشيطان.. ولم يدعموا هذه الفتوى بأية من القرآن أو السنة.. أليست المرأة بشرا وتحتاج مثل الرجل لتنشيط دورتها الدموية والذهنية، وللأمور الصحية الأخرى (لماذا يدخلون الشيطان عند كل فتوى تتعلق بالمرأة والتطور؟!!). لماذا لا نسمع بمثل هذه الفتاوى في الدول الإسلامية الأخرى ذات الكثافة السكانية والذين لديهم مؤسسات دينية عريقة، أم أننا الوحيدون في الكون الذين يعرفون الإسلام، والآخرون جهلة وفاسدون.. أليس ذلك غريبا؟! وبالله التوفيق.
التعليقات