صلاح منتصر

بعد الأزمة التي مازالت معلقة بين فئات مختلفة ومجلس الدولة في مصر بسبب رفض الجمعية العمومية للمجلس تعيين عدد من الاناث اللاتي اجتزن الامتحانات المطلوبة بما يسمح بوصولهن الى الجلوس في منصة القضاء، تواجه المحكمة في المجلس أزمة جديدة مع الكنيسة المصرية بسبب الحكم الذي أصدرته أخيرا laquo;بالزام البابا شنودة بطريرك الأقباط بمنح الترخيص بالزواج الثاني لاثنين من الأقباط المطلقينraquo;، وقد رد البابا شنودة على الحكم باعلانه رفض تنفيذ الحكم، ورفض اعطاء تصريح ثان للزواج في أي حالة طلاق، الا اذا كان لعلة الزنى، مع ملاحظة أن البريء من الطرفين هو المستفيد فقط، فالزوجة التي أثبتت زنى الزوج يسمح لها بالزواج من دون الزوج والعكس.
المحكمة أقامت حكمها في الأساس على اعتبار أن القرارات التي تصدر عن الكنيسة الأرثوذكسية هي قرارات ادارية تخضع لرقابة القضاء، بينما البابا اعتبر قرارات الكنيسة المتعلقة بالزواج دينية خارجة عن رقابة القضاء.
المحكمة الادارية أشارت الى أن المشرع أقر لكل مواطن (مسلم أو قبطي) حقه الدستوري في تكوين أسرته بما يتفق مع العقيدة التي ينتمي اليها، laquo;وفي اطار منظومة تشريعية تتخذ من أحكام الدستور والقانون السند لحماية الحقوق والحرياتraquo;، وأضافت المحكمة في حيثياتها للحكم laquo;ومن ثم فليس مقبولا من أي جهة دينية أن تلتحف بخصوصية بعض الأحكام الدينية لها، مما قد يختلف الرأي بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدةraquo;، ولكن البابا أصر على موقفه الذي اتخذه منذ تولى عام 1971 بإصداره قرارا أعلن فيه التزامه بنصوص الانجيل، وأنه اذا تم الطلاق بين زوجين قبطيين أمام المحكمة بسبب ثبوت زنى أحدهما فسيعطى التصريح بالزواج الثاني للطرف البريء وحده. وقد رفض البابا منذ ذلك الوقت أي استثناء.
والواضح من تفاصيل الدعوى التي نظرتها المحكمة الادارية العليا، أنها تخص زوجين (الزوجة فنانة)، وقد أثبتت الزوجة خيانة الزوج فحكم بتطليقها وسمحت لها الكنيسة بالزواج الثاني، ولما ذهب طليقها للحصول على موافقة الكنيسة بالزواج الثاني رفضت المحكمة، فكان أن لجأ الى المحكمة الادارية، وفي كل ذلك لم تعلن الكنيسة عن معلوماتها على أساس أنها تدخل في باب أسرار الاسر التي لا تعلن.
والمعروف أن هناك أربعة آلاف حالة طلب طلاق (لغير سبب الزنى) تطلب موافقة الكنيسة حتى يتاح لها أن تحصل على مباركتها للزواج الثاني، وهو ما ترفضه الكنيسة حتى مع صدور حكم المحكمة الادارية، متمسكة بأن عقيدة المسيحية تقوم على أنه لا طلاق الا لعلة الزنى، وأن ما جمعه الله لا يفرقه الإنسان!