خالد آل هميل

بقي حل آخر ووحيد هو أن يضع حزب الله سلاحه تحت سيادة الدولة، وأن يتمتع قبل ذلك بحس وطني يؤثر مصالح الداخل على المصالح العابرة للحدود

المتابع للأوضاع في لبنان السياسية منها والاقتصادية والأمنية يجد أن هذا البلد منقسم على نفسه، قسم يحاول استيعاب المعارضة السياسية المتوحشة لارتكازها على سلاح حزب الله ويحاول أن يعالج القضايا الخلافية وفق دستور (الطائف) وبأساليب ديموقراطية مستعيناً بالشرعية الدولية، أما الآخر يطبق المثل الغاشم (مالنا لنا، وما لكم لنا ولكم). إن (عون) وحركة أمل وحزب الله وأتباعهم يذّكرون القسم الآخر من الشعب اللبناني قسم السيادة والاستقلال بـ7 آيار... ذلك اليوم الذي احتل فيه حزب الله وأتباعه العاصمة اللبنانية بيروت، بصورة أخرى يضع حزب الله من مقولة المقاومة لإسرائيل المقاومة لكل الشعب اللبناني وتوجيه الصواريخ لصدره إذا لم يسّلم بسيطرته على مقاليد الأمور في لبنان، فهم في نظره سواء.. بسواء مع إسرائيل، ولتكون الأمور أكثر وضوحاً التجييش والتحريض وإعداد العدة لمحاربة إسرائيل غطاء حقيقي للانقضاض والهيمنة على لبنان بكل طوائفه وأحزابه وأعراقه. (وسبعة آيار) خير دليل ساطع على ذلك.
إن متابعة دقيقة لقنوات الاتصال في لبنان وما يتناوله أقطاب حزب الله وأتباعهم من السياسيين والإعلاميين سوف يصل إلى نتائج التحليل الذي تناولته في صدر هذه المقالة.
وإن حزب الله يهيئ الرأي العام انتظاراً لصدور الحكم الظني للمحكمة الدولية إذا صدر عنها اتهام للحزبيين من حزب الله للهجوم على الحكم والسنة في لبنان، وكأن أعضاء حزب الله ملائكة معصومون من الخيانة والجريمة والعمالة مع أن معظم أفراد شبكات التجسس التي تم ضبطها في لبنان هم من مناطق حزب الله جنوب لبنان!
إن المعادلة في لبنان تكمن في فئتين الأولى مجردة من السلاح تطالب بالسيادة والاستقلال والحرية، وفئة تملك مختلف أنواع السلاح وتضعه على الطاولة مصوباً على رأس من يقول لهم لا سياسياً. إن حزب الله لا يستطيع الحركة بدون الدعم السوري والإيراني فالمسؤولية في واقع الأمر تقع على عاتق كل من دمشق وطهران إذا ما تكرر (7 آيار) مرة أخرى.
(إن سبعة آيار) إذا تكرر فإن ذلك هو الحرب الأهلية التي لن يربح منها حزب الله ولا دمشق ولا طهران إنه عودة إلى انقسام العرب والمسلمين انقساماً عمودياً حاداً يدمر الجميع، وبالتحديد من يعطي حزب الله الغطاء السياسي والإعلامي والأمني، إنه لن يعود بالتاريخ ليلعب دور المنقذ، وإنما في تقديري سوف يتم التعامل معه كشريك لحزب الله في تدمير المؤسسات المدنية والإعلامية والاقتصادية والأمنية ومحاولة إقصاء سنة لبنان وجزء مهم من المسيحيين، وفتح باب الحرب الأهلية على مصراعيه.
إن من يسعى للاستقرار داخل بيته عليه ألا يخرب بيوت الناس، فحزب الله لا يمثل أغلبية إذا قورن بسنة لبنان فإذا أضفنا مسيحي لبنان لهم فإن من يمثلهم حزب الله يتحولون إلى أقلية.
إن مداهنة حزب الله وأتباعه مثل (ميشيل عون) لن تنتج الاستقرار فهذا الحزب أعمته قوة السلاح التي توافر عليها باسم مقاومة إسرائيل.
فالمقاومة تهم جميع الطوائف في لبنان مما يحتم على الطوائف الأخرى أن تعد نفسها لمقارعة إسرائيل بالعدة والسلاح في ظل رفض قيام الدولة اللبنانية بواجباتها الدستورية من قبل حزب الله.
فإذا كان هدف هذا الحزب هو إسرائيل فالكل عليه أن يقوم بما (ينوي) حزب الله القيام به، وإن كانت الأخرى وهي إقصاء الطوائف الأخرى واللعب على التناقضات ليرتد سلاحه على شركائه في الوطن، عندها يكون لدى الآخرين ما يدفعون به الشر عن أنفسهم، فإن قبل حزب الله بهذه المعادلة الجديدة عندها تكون أهدافه كريمة وإن رفض أن يقوم الآخرون بنيل شرف المقاومة لإسرائيل فإن هذا نذير شؤم وعلى الآخرين عدم انتظار حد السكين بحجة أن جيش لبنان سوف يحميهم.
فماذا فعل هذا الجيش في 7 آيار المشؤوم؟! بقي حل آخر ووحيد هو أن يضع حزب الله سلاحه تحت سيادة الدولة، وأن يتمتع قبل ذلك بحس وطني يؤثر مصالح الداخل على المصالح العابرة للحدود والتي تجعل من هذا البلد رهينة للمصالح الإقليمية وتطوراتها.