جوهانسبورغ - منصور الجبرتي

برقت عينا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف سيب بلاتر وهو يتقدم إلى التقاط الميكروفون في ملعب سوكر سيتي في افتتاح بطولة كأس العالم التاسعة عشرة، وبدا متحفزاً لسماع رد فعل الجماهير على ما سيقوله وحين نطق قائلاً: laquo;كأس العالم هنا في أفريقياraquo; هتفت الجماهير بقوة، فعلَت ابتسامةٌ عريضة على محيا بلاتر، وبعد أن هدأ هدير الجماهير بدا رئيس laquo;الفيفاraquo; مستمتعاً برد الفعل فكرر قائلاً: laquo;كأس العالم هنا في جنوب أفريقياraquo;، وحينها انطلقت صيحات وأهازيج أكثر علواً من سابقتها.

أمنية إقامة المونديال في أفريقيا أحد أحلام بلاتر التي تعود إلى شباط (فبراير) من عام 1976 حينما زار أديس أبابا ضمن طاقم من laquo;الفيفاraquo; للعمل على إحدى الدورات التطويرية، ويصف بلاتر تلك الزيارة بأنها فتحت عينيه عن ما تعنيه كرة القدم بالنسبة إلى أفريقيا، قائلاً: laquo;وقعت في حب أفريقيا منذ ذلك اليوم، ووعدت نفسي بأنني سأعود إليها وبالفعل كان عملي يتطلب العودة إلى أفريقيا مراراًraquo;.

ويواصل: laquo;كنت أقول دائماً إن عالم كرة القدم يجب أن يعيد الفضل للقارة الأفريقية التي قدمت لكرة القدم العالمية مواهب خلاقة، ومنذ أن تسلمت منصبي رئيساً للاتحاد الدولي وضعت ضمن قائمة أعمالي أن يقام المونديال في القارة السمراءraquo;.

وبفخر شديد، يضيف: laquo;laquo;كل شيء بدأ بفكرة، ولكن الفكرة تحوّلت الآن إلى حقيقةraquo;.

ويعترف بلاتر بأن أعضاء بارزين في المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي كانت لديهم شكوك كبيرة حول إمكان إقامة المونديال في دولة أفريقية، ويقول: laquo;الأمر لم يقتصر على وسائل الإعلام، والتي شككت في قدرة أفريقيا على تنظيم المونديال، بل كان عديد من أعضاء المكتب التنفيذي في وقت سابق لا يتحلون بثقة كاملة تجاه أفريقياraquo;.

ودافع بلاتر طيلة فترة ماضية عن هذه الشكوك بقوة، بل إنه أكد مراراً وفي مناسبات عدة مختلفة أن أفريقيا قادرة على التنظيم، إلا أنه كان أكثر واقعية في مؤتمر صحافي عقده في بريتوريا قبل بدء البطولة بخمسة أيام إذ قال: laquo;الأمور ليست كاملة قبل انطلاق البطولة ولكن كل شيء يسير بصورة جيدة لأنه لا يوجد شيء كامل، وعلى أفريقيا أن تكون فخورة على رغم كل شيءraquo;.

ولا يبدو حديث الرئيس السويسري الذي عُرف بعشقه لمجاملة الآخرين على صعيد المجاملة، بل تظهر الحماسة على محياه عندما يأتي الحديث عن استضافة المونديال في أفريقيا، ويشرح فلسفته في حرصه على ذلك لمجلة laquo;عالم الفيفاraquo;، قائلاً: laquo;بالتأكيد هناك دول أخرى تستطيع أن تستضيف بطولة كأس العالم بسهولة أكبر لكن لعبة كرة القدم لا تخص قارة محددة، إنها لعبة الجميع ويجب أن تكون استضافتها متاحة للجميع، عندما نتحدث عن إقامة المونديال في أفريقيا لا نتحدث عن عدد الملاعب أو التذاكر المباعة، بل عن العدد الهائل من محبي وعشاق اللعبة في هذه القارة وما ستخلفه هذه التجربة من تراثraquo;.

ورداً على سؤال حول الحدث الذي سيجعله سعيداً في ختام البطولة الأفريقية، يقول: laquo;أنا سعيد لأنها أقيمت في جنوب أفريقيا بغض النظر عن أي أمر آخر، فحلم أفريقيا تحقق بالفعل وما يفرحني هو التراث الذي ستتركه خلفها، نعم ستكون هناك ملاعب ومطارات وطرق وكل المنشآت التي أقيمت من أجل كأس العالم لكن الأهم هو أننا سنثبت ما يمكن أن تفعله كرة القدمraquo;.

كأس العالم سيبقى حدثاً تاريخياً لن تنساه جنوب أفريقيا وسيظل كثير من السكان المحللين يذكرون هذه التظاهرة التي ستخلد في ذاكرتهم ولا شك أن جوزيف بلاتر نفسه سيكون جزءاً من هذه الذاكرة، بل إن تلك اللقطة التلفزيونية التي حمل فيها الميكرفون وصاح فيها: laquo;ها هي كأس العالم في أفريقياraquo; ستكون جزءاً من التراث التلفزيوني لهذه التظاهرة الكروية.

الفرحة والبهجة التي خالطت مشاعر بلاتر وهو يرى انطلاقة كأس العالم في جوهانسبورغ جعلته يواصل تصريحاته المتفائلة، إذ قال عشية تسلّمه laquo;وسام تامبو الذهبي لرفاق الشرفraquo; وهو أعلى وسام في جنوب أفريقيا: laquo;laquo;ستصبح أفريقيا محل اهتمام الجميع بعد 12 تموز (يوليو)؛ لأننا سنعيش أفضل بطولة كأس عالم على الإطلاقraquo;.

عشق بلاتر لأفريقيا جعله يلمح إلى رغبته في إقامتها في دولة سمراء أخرى، بل إنه كان كمن يوجه حديثه إلى أعضاء المكتب التنفيذي في السلطة الكروية الأعلى حين قال: laquo;laquo;قارة أفريقيا استبعدت فى السابق ويجب ألا تستبعد من التنظيم بعد الآن، وهذا الأمر غير وارد داخل الفيفا على الإطلاقraquo;.