فاضل عباس

عندما يذكر اسم تركيا في الوطن العربي لا يمكن أن يمر مرور الكرام، فتركيا التي استقطبت انتباه العالم خلال الفترة الماضية أو بشكل أكثر دقة منذ استلام حزب العدالة والتنمية للسلطة فيها وتغير السياسة الخارجية من وجهتها الغربية إلى الشرقية وهذا ما برز أكثر وضوحاً في دور إقليمي لها، كبير خلال الأيام الماضية تمثل في المساهمة في إيجاد صيغة حل للملف النووي الإيراني ورفضها الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة وقيامها بتحركات شعبية كقافلة أسطول الحرية لكسر الحصار عن القطاع وهو ما أدى إلى مهاجمة الأسطول من قبل إسرائيل ووقوع جرحى وقتلى من الأتراك.
فتركيا هي ذات امتداد تاريخي مع العرب والمسلمين وكان سقوط الدولة العثمانية التي مركزها تركيا أحد أسباب تنفيذ مؤامرة سايس ndash; بيكو وتقسيم ارث الامبراطورية العثمانية على الدول الاستعمارية لذلك فتركيا أو الدولة العثمانية كانت احد أسباب وحدة العرب في فترات تاريخية سابقة بل وحمل السلطان العثماني عبدالحميد الثاني لواء حماية فلسطين والقدس من هجمات الصهاينة والفرنجة لسنوات طويله لذلك ثارت أوروبا ضد السلطان عبد الحميد بسبب رفضه إسكان وتوطين المهاجرين اليهود في فلسطين، فقد كانت أوروبا تريد تصدير مشكلة اليهود التي تعاني منها إلى الدولة العثمانية، ولذلك كان السلطان عبدالحميد شخصيًا غير مرغوب فيه بالنسبة للدول الأوروبية، ولكن في الجانب الآخر كان لضعف الإدارة المركزية العثمانية سبباً في تفكك الدولة العثمانية ونشوء الدويلات العربية الصغيرة ونهب الثروة النفطية من قبل الغرب بعد ذلك.
ولكن تركيا وبعد ثورة كمال أتاتورك بدأت تعمل كتركيا باتجاه الغرب وليس كامبراطورية عثمانية تمتد نحو الشرق وطيلة سنوات سابقة من حكومات علمانية متعددة فيها وبدعم من الجيش التركي ماذا حصدت تركيا من الغرب ؟ رفض انضمامها للاتحاد الأوروبي لأنها تركيا المسلمة وليست المسيحية وهذه حقيقة لا يمكن إخفاؤها وسبق للقيادة التركية الحالية الحديث عنها بشكل علني فالاتحاد الأوروبي هو تجمع اقتصادي وسياسي للدول المسيحية فقط ولا يقبل فيه المسلمون حتى لو كانوا أوروبيين كتركيا لذلك ماطلت أوروبا في قبول عضوية تركيا واخذت تتفنن في وضع الشروط التي تتغير كل مرة بتغير رئاسة الاتحاد الاوروبي .
لذلك فهمت تركيا أن مصيرها ومستقبلها هو باتجاه الشرق وليس الغرب وعودة تركيا إلى الجذور يخدم تركيا والعرب جميعاً فالعرب بحاجة إلى دولة قوية مثل تركيا وذات تاريخ مشترك معهم ودولة مسلمة، وتركيا يمكن لها أن تلعب دورا كبيرا إقليميا ودوليا بوقوفها مع القضايا العربية بل هي تضيف إلى الثقافة والهوية التركية ما كانت تفتقده من قبل وتلغي حالة الاغتراب عندها التي بدأت منذ زمن كمال أتاتورك والحكومات السابقة لحكومة العدالة والتنمية بانفصالها عن تاريخها القديم وجذورها الإسلامية لذلك فإن كان لبعض الأتراك من ملاحظات على الشرق فإن إصلاح الخلل خير من الاغتراب عن المنطقة وهذا ما تسير عليه حكومة اردوغان وهي خطوات تحتاج من العرب المبادرة نحو تركيا وأفضل مبادرة في ذلك هي اقتراح عمرو موسى بتشكيل تحالف دول الجوار لتضم تركيا وإيران كأكبر داعمين لقضايا العرب في المنطقة فهل يرى هذا الاقتراح النور.