مصطفى زين


يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لزيارة الولايات المتحدة بعد أيام. يعرف أنه سيلتقي سيد البيت الأبيض laquo;الخائنraquo; الذي لا يكن له أي احترام. لكنه يعرف أيضاً أن السيد يخشى غضبه وسطوة laquo;إيباكraquo; وتأثيرها في الكونغرو- كنيست (الكونغرس الأكثر ولاء لإسرائيل من الكنيست)، والانتخابات المقبلة. وكي لا يبدو أنه يملي سياساته على واشنطن اتخذ بعض الخطوات التجميلية، استعداداً للقاء - المواجهة.

من هذه الخطوات زيادة الحصص التموينية المسموح بدخولها إلى قطاع غزة، وتشكيل لجنة تحقيق، يكاد يجمع الإسرائيليون على أنها شكلية، للنظر في مجزرة laquo;أسطول الحريةraquo;، والالتزام بأيلول (سبتمبر) المقبل موعداً لاستئناف الاستيطان في الضفة الغربية. أما القدس فغير مسموح لأحد بالتدخل في تهويدها، بشراً (مستوطنات) ومعالم وتاريخاً.

يعتبر نتانياهو هذه الخطوات تنازلات مؤلمة. ويواجه أوباما من موقع الذي أسدى إليه خدمات جليلة للمحافظة على ماء وجهه أمام أصدقائه وحلفائه العرب، وأمام نفسه أيضاً، كي تبقى لخطبه ووعوده (هل أصبحت في ذمة التاريخ؟) صدقية، وكي يبقى للأصدقاء مجال لمواجهة شعوبهم المطالبة بموقف من الولايات المتحدة ومن الدولة العبرية.

في المقابل، تستعد واشنطن للقاء نتانياهو على طريقتها. لم يبق مسؤول من أركان البيت الأبيض، بدءاً من أوباما نفسه، إلا وكرر تأييد الولايات المتحدة المطلق لتفوق إسرائيل، من دون أن نذكر المناورات المشتركة بين جيشيهما، ودعمها بالأسلحة والمعلومات والمال لتكريس هذا التفوق. وقبل الزيارة بأيام قليلة طار رئيس الأركان الاميركي الجنرال مايكل مولن إلى تل أبيب للقاء نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي لمزيد من التنسيق، وربما لتهنئته على جرائمه في غزة وفي عرض البحر. وأبعد من ذلك، للتنسيق قبل انسحاب القوات الأميركية من العراق، وإيكال بعض المهمات إلى استخبارات الجيشين، كي لا يبقى العراق ساحة مفتوحة أمام الإيرانيين، وكي تبقى المنطقة خاضعة لمنطق الحرب.

يذهب نتانياهو إلى واشنطن مطمئناً إلى انه الأقوى وإلى أن أوباما لا يستطيع، حتى لو أراد، أن يغير توجهاتها السياسية. كتب ريجيس دوبريه رسالة إلى صديقه المؤرخ الإسرائيلي إيلي برنابي وفيها: laquo;ممَ تخشون؟ (...) أنتم (الإسرائيليون) النموذج الأصلي. وهم (الأميركيون) نسخة عنكم. ربما ستكونون في يوم ما محمية سياسية عسكرية، وهذا ما استبعده، على قدر ما سيكونون تابعين لكم روحياً. كيف ننصّب حكماً، أخاً صغيراً يعطي لكلمات القبيلة المعاني ذاتها التي تعطونها؟ ألستم أنتم وهم أولاد مستعمرين أوروبيين؟ (تسأل) عن الحدود؟ الحدود في نظركم تحد يجب تخطيه. أميركا ليست سوى إسرائيل كبيرة نجحت. إسرائيل أميركا صغيرة تعاني، ولدى الإثنتين ما يجمعهما: لا أحد يستطيع محاسبتهماraquo;.

يذهب نتانياهو laquo;صاحب السلطةraquo; للقاء أوباما laquo;صاحب القوةraquo;. فلننتظر المزيد من الحروب.