فارس بن حزام

يبدو أن المجتمعات تعيش حالة هستيرية وصراعا مستمرا. في الكويت، شخصية دينية، هي أحد أصعب الأرقام في المذهب الشيعي، أعلنت انضمامها الرسمي إلى النادي العام للتكفيريين .

صاحبنا اليوم، كفّر المطربين، وفوق ذلك لم يسلم حتى المطربين الفاشلين، الذين شملتهم الفتوى الجديدة. فنقل عنه قوله quot;استماع الغناء نفاق وتعلمه كفرquot;. عجباً من هذا التهور، الذي يضع مثل محمد عبده في خانة الكفار، كأحد أمثلته!

برأيي أن التكفيريين أقرب إلى المرضى النفسيين، أو هم كذلك تماماً. وفي كل مرة يثبت التكفيريون أنهم خارج الزمان، ولا علاقة لهم بالمجتمع. وأسهل الوظائف عندهم، اختيار أقصى التفسيرات الدينية في شرح الدين الإسلامي، ومن ثم يأتي من يقول إنه quot;دين يسر، لا دين عسرquot;. فكيف تصدق المقولة مع هؤلاء، ومع آراء تتحول سريعاً إلى نكت وطُرف، ليسخر العالم من دين اليسر؟

لا أعلم ما الذي يريده صاحب أحدث فتوى تكفير في الخليج؟

أدلة كفر المطرب، أو الذي يدرس الموسيقى، غير متوافرة، لكن التكفيريين قادرون بامتياز على ابتكار أدلة وارتكابها بحق الله وعباده. فالتكفيري لا يخجل من فعلته، لأنه يجد جمهوراً متعطشاً للرفض بتعابيره المختلفة؛ تكفير، تحريم . كما أنه لا يجد الرادع القانوني لفعلته وجريمة فتواه. ولذا هو عنصر قائم على الخراب، ومفتقد مفاهيم النماء.

التكفيري لديه مشكلة واضحة في منطلقاته الفكرية وآليات البحث والقياس ، فإذا ساءت المنطلقات، ومعها الآليات، فالنتيجة الحتمية سيئة دائماً؛ لذا هو يقدم النتائج السلبية حول الأشياء المعاصرة، من دون الحاجة إلى التبحر في أهمية التكفير بكونه عنصرا أساسيا في بنية الخطاب الديني المتطرف.

من جانبي، أحترم فتاوى تحريم الغناء والتمثيل، رغم أنني لا أراها ملزمة، فلا مشكلة مع من يحرم الغناء أو التمثيل أو نحوهما، المشكلة مع الذي يذهب إلى أقصى نقطة ويفتي بكفر المغني أو الممثل. فهذا بحاجة إلى رد وعقاب ؛ فقوله فتوى تسمح له بهدر دماء المسلمين، ولا تدخل في خانة حرية التعبير.

الجانب الشيق عند المكفراتي الجديد، رؤيته المتناقضة للموسيقى، فقبل سنوات قريبة أفتى بحرمة موسيقى الجاز، وبإباحة موسيقى بيتهوفن، وتحديداً السيمفونية السادسة! بمعنى أن المسألة خاضعة للمزاج وللهوى، وليست للقياسات الدينية. الأخ، يملك مزاجاً لبيتهوفن، لكنه لم يفصل لجمهوره في الموقف من السامري والهبان..