محمد العثيم

لقاء الملك الناجح مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما انتهى بمخرجات حركت جمود عملية السلام في الشرق الأوسط، وهو ما لاحظه المحللون هذه الأيام، وهذا يأتي من واقع الثقة المتبادلة بين الزعيمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس الأمريكي بارك أوباما لكون المملكة مؤثرا رئيسيا، ومعتدلا في المنطقة، وفي حياد إيجابي خارج منظومة القوى المتقابلة، والتي تؤجج صراعها المصالح الضيقة في المنطقة، وتسعى للتعمية على أي جهد خلاق في العمل العربي المشترك لحل القضايا الكبرى، حيث هذه القضايا هي أساس التخلف التنموي في كثير من بلداننا.
هذه الصراعات الجانبية هي ما شتت التوجه العربي للوقوف صفا واحدا في سبيل شرق أوسط آمن يسوده السلام، وهو مبدأ المبادرة العربية التي كان عرابها الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وهي إلى الآن المبادرة الوحيدة القابلة للتفاوض بعد عشرات المحاولات التي انتهت من حيث بدت.
الواقع المرير أن قضايانا العربية بقيت لأكثر من نصف قرن تراوح مكانها وتضيع كبقية المبادرات بالضجيج الفارغ لاختلاف السياسات، وتضارب المصالح بين الدول العربية، وبعض الدول المجاورة، وكانت المنابر العليا حتى في القمم العربية يضيع صوتها للعمل المشترك قبل أن يجف حبر البيانات التي تكتب بها، وخصوصا، في تحديد سياسات ممكنة لحل قضايانا الاستراتيجية المركزية، وترتيب الأوراق العربية، والخروج من الكلام غير العملي الذي لازالت بواقيه تنخر في تفكيرنا العربي من خطاب أواخر الخمسينيات إلى الثمانينيات وما بعدها بقليل، وهذه التعبوية الفارغة والفكر السياسي غير العملي أعطى إسرائيل الفضاء لاستمرار احتلال الأرض العربية، واعتدائها على المقدسات الذي لم يتوقف عند حد.
بعد مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الشهيرة والتي عرفت فيما بعد بالمبادرة العربية، ظهر أن هناك بارق أمل كبير لإيجاد الحلول، لكن عادت الخلافات العربية بكل مستوياتها، وبتحريض خارجي لتجهض كثيرا من الجهد الذي أقنع العالم جمعه بعدالة المطالب العربية.
شخصيا أرى في لقاء الملك العظيم، برئيس الولايات المتحدة الجديد في البيت الأبيض مفصلا جديدا في تعزيز الفهم أكثر من السابق للوقوف مع المبادرة الوحيدة الحية إلى الآن للخروج من عنق زجاجة الصراع المزمن في المنطقة.
بعد جولة الملك الموفقة في أمريكا الشمالية، وحضوره قمة العشرين، ثم لقائه الناجح بالرئيس الأمريكي باراك أوباما بدا أن الإعلام المعادي حاول تعكير مخرجات هذه الزيارة ببث خبر عبر صحيفة (لي فيقارو) الفرنسة عن كلام منسوب لمقام الملك عبدالله بن عبدالعزيز عن دولتين في المنطقة نفته المصادر السعودية جملة وتفصيلا، وقد نرى مزيدا من الإعلام المضاد لمخرجات الزيارة لأن الزيارة تحرج دبلوماسية المصالح الضيقة التي تريد إطالة الصراع من أجل بقائها.
المعتدلون يرون في هذه الزيارة ــ كما أشرت ــ مفصلا له ما بعده في جعل أمريكا تتفهم القضايا العربية، وأثرها على الأمن والسلم العالميين فبدون معالجة شاملة يبقى للتطرف وعصابات الاسترزاق مكانا للعبث بأمن ومقدرات الشعوب.