عدنان السيد

أشار أمين عام الأمم المتحدة، بان كي مون، إلى خرق ldquo;إسرائيلrdquo; المستمر للقرار ،1701 من دون أن يقترح تصوراً محدداً لإلزامها بتنفيذ هذا القرار . وقد جاء في تقريره الدوري الأخير ما يأتي:

(عبّر الأمين العام عن قلقه من حقيقة أن القوات ldquo;الإسرائيليةrdquo; تواصل خرق القرار 1701 والسيادة اللبنانية بشكل يومي تقريباً عبر التحليق بطائراتها فوق الأراضي اللبنانية . إن هذا التحليق الجوي يخلق موقفاً متوتراً، وقد يؤدي إلى افتعال موقف قد يتصاعد بسرعة . وأنا أدعو ldquo;إسرائيلrdquo; مجدداً لاحترام سيادة لبنان من خلال الوقف الفوري لكل عمليات التحليق فوق الأراضي اللبنانية) .

هذا موقف متكرر للأمين العام من دون أن تصل المنظمة الدولية بعد إلى صيغة لإلزام ldquo;إسرائيلrdquo; بمضمونه . والواقع أن التقرير المذكور نقل المزاعم ldquo;الإسرائيليةrdquo; بعدم تنفيذ الحظر المفروض على توريد الأسلحة، علماً أن الخروقات الجوية ldquo;الإسرائيليةrdquo; مستمرة منذ عقود فوق الأراضي اللبنانية، ودائماً بحجة أمن ldquo;إسرائيلrdquo; . ولا أمل بتوصل الأمم المتحدة إلى صيغة تلزم ldquo;إسرائيلrdquo; احترام السيادة اللبنانية في المجال الجوي .

إلى ذلك، يوضح التقرير الرفض ldquo;الإسرائيليrdquo; المستمر لمطلب قوات (اليونيفيل) فتح مكتب لها في تل أبيب مقابل حفاظ قائد القوات على علاقات فاعلة مع نظرائه ldquo;الإسرائيليينrdquo; . وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدل على تمسك ldquo;إسرائيلrdquo; بتقييمها الخاص حتى للعلاقة مع الأمم المتحدة، وتحديد مستوياتها ومضامينها .

يلاحظ التقرير تأخير الانسحاب ldquo;الإسرائيليrdquo; من شمال قرية الغجر، علماً أن التعهد ldquo;الإسرائيليrdquo; بالانسحاب منها جاء بعيد صدور قرار مجلس الأمن المذكور ،1701 وفي فترة وجيزة، بيد أن شيئاً من ذلك لم يحصل خلال أربع سنوات .

وعندما تطلق حكومة نتنياهو سلسلة تهديدات ضد لبنان، حكومة وجيشاً وشعباً ومقاومة، لا نجد إشارات إلى هذا المعطى في تقرير الأمين العام، بينما نجد في المقابل حديثاً صريحاً عن التظاهرات التي ينفذها لبنانيون بالقرب من الخط الأزرق احتجاجاً على خطف أحد الرعاة على سبيل المثال، وكأنها تهدد أمن ldquo;إسرائيلrdquo; . ويورد التقرير فقرة مفصّلة عن صواريخ سكود التي زعمت حكومة نتنياهو وصولها إلى حزب الله عبر الحدود اللبنانية السورية، على الرغم من تراجع هذا التكهن، ونفيه لبنانياً وسورياً وفرنسياً .

الأهم من كل ذلك، أن تعود العلاقات بين الجيش اللبناني وقوات (اليونيفيل) في جنوب الليطاني إلى قواعد الاشتباك المحددة سابقاً، وأن يلتزم الطرفان بها، وألا يشعر الطرف اللبناني بأنه مطارد دائماً . في هذا المجال، نشير إلى المناورات الحربية الأخيرة للقوات الدولية في تلك المنطقة، القائمة على فرضية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الدولة الصهيونية . وماذا عن الجهة المقابلة؟ ماذا عن حقيقة المناورات ldquo;الإسرائيليةrdquo; المتكررة على حدود لبنان، وتهديداتها لأمنه؟

العلاقات يجب أن تكون متوازنة على الأقل، علماً أن لبنان هو المعتدى عليه منذ عقود . والعدوان ldquo;الإسرائيليrdquo; هو المسؤول الأول عن نشوء المقاومات الوطنية والإسلامية ضد الاحتلال . هذا الاحتلال هو الذي يقود إلى المقاومة المدنية والعسكرية .

في مجمل الأحوال والظروف، تلتزم الحكومة اللبنانية بالقرار ،1701 وكثيراً ما شرحت مواقفها منه داخل الأمم المتحدة وخارجها، وها هي توفد مؤخراً مجموعة من الاختصاصيين العسكريين إلى نيويورك لشرح موقف لبنان وحقيقة الخرق ldquo;الإسرائيليrdquo; المتمادي للقرارات الدولية عامة . ولبنان في جميع المراحل يطالب بما طالبت به قرارات الأمم المتحدة، أي انسحاب ldquo;إسرائيلrdquo; إلى الحدود المعترف بها دولياً، واحترام سيادة الدولة اللبنانية لا أكثر ولا أقل .

هنا القضية الأساس في الصراع اللبناني ldquo;الإسرائيليrdquo;، وهنا المنطلق الأهم لمعالجة تعقيدات هذا الصراع . هنا يتبين مقدار اضطلاع الأمم المتحدة بميثاقها الأممي، وبالتزاماتها الدولية، ونحن ما زلنا نراهن على دور الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين .

كل ما يدور في جنوب لبنان، وعلى الحدود الدولية، لا يمكن فصله عن تفاصيل الصراع العربي ldquo;الإسرائيليrdquo; في مساراته المتعددة، ومراحله المختلفة . بما في ذلك موضوع توطين الفلسطينيين في بلاد الشتات، والصراع على المياه، والنفط والغاز الطبيعي وغير ذلك من الموارد والثروات . وهذا ما يقتضي من اللبنانيين اتحاداً وطنياً بعيداً من التجاذب السياسي التقليدي .