أمل زاهد
كنت أتمنى أن يتراجع الشيخ عادل الكلباني تراجعا صريحا (مدويا)، عن تكفيره في فتوى قديمة له لإخوتنا الشيعة ـ كما كان تكفيره لهم (مدويا) ـ قبل أن يخرج علينا بفتواه عن الغناء والموسيقى التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد! حسب علمي ل
كنت أتمنى أن يتراجع الشيخ عادل الكلباني تراجعا صريحا (مدويا)، عن تكفيره في فتوى قديمة له لإخوتنا الشيعة ـ كما كان تكفيره لهم (مدويا) ـ قبل أن يخرج علينا بفتواه عن الغناء والموسيقى التي أقامت الدنيا ولم تقعدها بعد! حسب علمي لم أسمع أو أقرأ له حتى الآن تراجعا، ولكن يبدو ـ والله أعلم ـ أن الفتاوى المُستحسنة تجب ما قبلها من فتاوى التكفير، فاليوم تُحتضن الفتوى الجديدة (المنفتحة)، وتُكبر شجاعة الشيخ
ـ الذي كتم علمه لعدد وقدره من السنين ـ وكأنه لم يأت بالأمس أمرا فظيعا له خطورته الكبرى، ليس فقط على الوحدة الوطنية؛ ولكن على التعايش بين الطائفتين في عالمنا الإسلامي الكبير خاصة ونحن نمر بمرحلة حرجة، يحاول فيها أعداؤنا دق إسفين الفرقة والتشرذم في نسيج مجتعاتنا!
الذاكرة المثقوبة أيضا ليست حكرا على المهللين والمباركين للفتوى الجديدة، ولكنها تشمل ببركاتها ونفحاتها الرافضين لفتوى الشيخ والمناوئين لها على الشاطئ الآخر! فذات الأصوات المتشددة التي تمارس أشنع وأبشع آليات الإقصاء ومصادرة الرأي المختلف، وتفجُر في خصومتها ضد الشيخ ـ اليوم ـ مستخدمة أقذع أنواع الشتائم وأبعدها عن أخلاق الإسلام، استساغت فتواه الأولى ـ بالأمس ـ عن تكفير الشيعة، بل هناك مواقع متشددة هللت وباركت إصدار الشيخ لصكوك إخراج علماء الشيعة من الملة، فقد قال عنهم الكلباني (نفسه) أنهم كفار بلا تمييز، أما العدد العديد من عامة الشيعة فتكفيرهم فيه نظر ـ حسب رأيه ـ، متأليا على الله وناصبا نفسه حكما على العباد! وسبحان الله، من كان شجاعا ومصيبا بالأمس بسبب فتوى، حولته فتوى أخرى اليوم إلى ألد الخصوم وأبغض الأعداء! والعكس صحيح على الجانب المقابل.. فمن كان مغلقا مكرسا للمذهبية والطائفية والفرقة بالأمس القريب، وضعته فتوى اليوم على عرش الانفتاح والتنوير!
واليوم وجدلية تحريم الغناء وتحليله ـ التي أصبحت أم معاركنا ـ ما بين مع وضد، وأوافق وأعارض دون كلل أو ملل من تكرار الأدلة المحرمة والأخرى المحللة، أتساءل هل كانت فتوى الكلباني هي جواز المرور الذي اخترقت به الموسيقى خصوصية الأذن السعودية وانتهكت طهرانتيها؟! أليست الموسيقى جزءا من حياتنا نسمعها في إذاعتنا الرسمية وفي تلفزيوننا الرسمي وفي نشيدنا الوطني، قبل أن يخرج الكلباني بتحليلها؟!
بل ألسنا نحن ـ ما غيرناـ من تقوم علينا قائمة قنوات الأغاني منذ أن أشرقت علينا شمس quot;الفضائحياتquot; الغنائية، وألا يشكل مجتمعنا السعودي سوق الدعاية الأكبر لذات القنوات قبل أن تخرج فتوى الكلباني للنور؟! ألا تترصع أشرطة قنوات الأغاني بالأسماء السعودية من الجنسين وهم يتبادلون غرامياتهم وتباريح أشواقهم، من قبل أن يمنحهم الكلباني صك التحليل؟!
أجدني أتفق تماما مع زميلي المختلف محمد السحيمي، فالكلباني لم يأت بجديد وليس أول من يقول بتحليل الغناء والموسيقى، فقد سبقه علماء قدماء ومعاصرون، فلم كل هذه الضجة غير المبررة التي ناءت بردود أفعالها المعارضة والموافقة الفضاءات الإلكترونية والصحف الورقية، ونسينا معها كل مشاكلنا المستعصية ولم يبق لنا إلا جدلية الغناء لنلوكها؟!
التعليقات