أكد أن مقامه أكبر من أي صفقات سياسية.. ومعارضون يطالبونه بالدعوة للجهاد


القاهرة ـ حسام أبو طالب

فاجأ شيخ الأزهر الرأي العام ورموز الحزب الحاكم معلناً رفضه التام لقاء أي من رموز الدولة الإسرائيلية كما أنه لن يستطيع أن يستقبل الحاخامات ولن يصافح رئيس إسرائيل شمعون بيريز أو من ينوب عنه في أي تواجد له بالمحافل الدولية سواء بالداخل او بالخارج، ولا أن يوجد معه في مكان واحد.
وقال شيخ الأزهر في حوار مع مكرم محمد أحمد نقيب الصحافيين في جريدة 'الأهرام'، 'إن موقفي هذا من بيريز ليس لأنه يهودي، ولكن لأنه أحد الذين خططوا لعدوان إسرائيل الصارخ على الشعب الفلسطيني والاستيلاء على القدس التي هي واحدة من أهم المقدسات الإسلامية التي أشعر بقيمتها الهائلة'.
وتابع 'ولو أنني صافحته فسوف أحقق له مكسبا لأن المعنى أن الأزهر صافح إسرائيل، وسيكون ذلك خصما من رصيدي وخصما من رصيد الأزهر، لأن المصافحة تعني القبول بتطبيع العلاقات وهو أمر لا أقره إلا أن تعيد إسرائيل للفلسطينيين حقوقهم المشروعة'.
وعلمت 'القدس العربي' ان مسؤولين بارزين كانوا يعدون العدة من أجل إقناع الشيخ الطيب بالسير على هدي سلفه الشيخ محمد سيد طنطاوي رئيس الأزهر السابق والذي كان يفتح ذراعيه مرحباً بالمسؤولين الإسرائيليين وسبق وتعرض لهجوم واسع حينما اتهم بالتطبيع مع إسرائيل حينما صافح الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز غير أنه نفى فيما بعد علمه به وأن لو عرفه لما أقدم على ذلك.
غير أن الطيب الذي يصغر طنطاوي بنحو عقدين من الزمن يبدو حجر عثرة في وجه نظام الحكم الذي يضع مرضاة الإسرائيليين على قائمة اولوياته.
وأكد الطيب في حواره أن مؤسسة الأزهر لا تحمل أجندة الحكومة على عاتقها، لكن الأزهر لا ينبغي أن يكون ضد الحكومة، لأنه جزء من الدولة وليس مطلوبا منه أن يبارك كل ما تقوم به الحكومة. وقال 'عندما جئت شيخا للأزهر وافق الرئيس حسني مبارك على استقالتي من عضوية المكتب السياسي للحزب الوطني كي يتحرر الأزهر من أي قيد، ولا أظن أن هناك دولة إسلامية تتمتع فيها المؤسسة الدينية بما يتمتع به الأزهر من مكانة وكرامة وتحرر، وبالمناسبة أنا لست ضد انتخاب شيخ الأزهر من هيئة علمائه، لكنني أخشى المجاملة التي أفسدت انتخابات عمداء الكليات'.
وقد رحب رموز المعارضة المصرية بقرار الطيب معتبرين إياه خطوة شديدة الأهمية في طريق عودة الأزهر لدوره الرائد في مجال المقاومة والدعوة للنضال ضد المحتل الإسرائيلي والإنتقال من خندق المهادنين وفريق ما يعرف بتيار الاعتدال إلى خندق المجاهدين في سبيل الله الذين يسقطون حسابات السياسة التي أوردت الأمة إلى المهالك والعودة للطريق الصحيح.
وفي هذا السياق أكد الشيخ سيد عسكر النائب بالبرلمان وأحد قيادات الإخوان المسلمين لـ'القدس العربي' عن ترحيبه بقرار الطيب واصفاً موقفه بالنبيل والعظيم قال عسكر إن ايادي اليهود الملوثة بدماء الفلسطينيين لا يجوز شرعا مصافحتها مهما كانت الأسباب.
وقال عسكر: مطلوب من شيخ الأزهر أن يعيد المؤسسة التي يرأسها للطريق الصحيح وأن تقوم على الفور بدورها المفقود والمتمثل في دعم فصائل المقاومة وحض شباب الأمة على الاستعداد للجهاد في سبيل الله من أجل استعادة القدس.
ورحب النائب حمدي حسن بتصريحات شيخ الأزهر معتبراً إياها بأنها تعيد الأزهر وكبار مسؤوليه لموقعهم الصحيح والذي كانت عليه تلك المؤسسة حينما كانت لمصر نفوذ في المنطق.
ودعا النائب مصطفى بكري شيخ الأزهر أن يكون له دور بارز في تحريم التطبيع والمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي بسبب جرائم إسرائيل في المنطقة كما دعا لأن يكون فتح الباب للجهاد بيد الطيب معرباً عن أمله ان تنتهي الآثار السلبية لتلك المؤسسة العريقة والتي عانت في الفترة الماضية حالة من الركود بسبب قيادتها السابقة.
وفي سياق متصل توقع قياديون في المعارضة حدوث أزمة بين شيخ الأزهر والنظام بسبب تصريحاته التي أبدى فيها شراسة تجاه أي اتصالات مع إسرائيليين من جانبه أعرب القيادي في الحزب الحاكم الدكتور جهاد عودة لـ'القدس العربي'، عن شكوكه في إمكانية تصديق ما يمكن أن يقوم به شيخ الأزهر مطالباً الإنتظار لحين تصدر له الدولة قراراً باستقبال أي مسؤول إسرائيلي وتساءل هل سيصر عندها على موقفه ام أنه سيقدم استقالته.
قال عودة لـ'القدس العربي' ان شيخ الأزهر موظف بالدولة وصدر له قرار جمهوري فهل إذا ما دعي للقاء حاخام أو مصافحة مسؤول إسرائيلي سيقوم بتقديم إستقالته أم سيتراجع عن موقفه هذا ما سوف تسفر عنه الفترة القادمة مطالباً بعدم العجلة.
ورحب مرشد الإخوان المسلمين محمد بديع بموقف شيخ الأزهر معتبراً إياه بأنه مشرف للغاية داعياً إياه ان يكون سنداً للمقاومة في وجه المؤامرات الصهيونية.
وفي حواره مع نقيب الصحافيين أكد فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أن السيف لا يصلح رمزا للإسلام لأنه دين رحمة وعدل، كما أنه انتشر في العالم لأنه دين الفطرة ودين العقل الذي خاطب عقول الناس وقلوبهم وساوى بين البشر ودعا إلى العدل.
وحول ما يردده الغرب بأن الإسلام انتشر بحد السيف، أجاب شيخ الأزهر قائلا 'ليس صحيحا أن الحضارة الإسلامية فرضت نفسها على العالم بحد السيف'، مشيرا إلى أن الإسلام يحض المسلم على أن يكون قويا قادرا على الدفاع عن وطنه ودينه ونفسه لكنه لا يحرضه على العدوان على الآخر.
وشدد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على أن الإسلام دين الوسطية (العدل)، وأن هذه الوسطية ليست وسطية أرسطو الذي يعتبر الفضيلة وسطا بين رذيلتين، ولا هي وسطية رياضية أو حسابية، وإنما هي وسطية أخلاقية اجتماعية كونية تنظر إلى الكون بمعيار المفاضلة العادلة بين نقيضين متضادين.
وحذر الطيب من صعود دور جماعات المتطرفين التي انتشرت في أرجاء كثيرة من العالم العربي، لافتا إلى أن هذه الجماعات تستقي فكرها من فقهاء البادية وتتهم الجميع بالكفر وتسعى إلى نشر الخراب والفتنة في العالم الإسلامي باسم الصحوة الإسلامية المقبلة خدمة لمصالح من يريدون أن يظل العالم الإسلامي مهمشا منقسما على نفسه بعيدا عن صحيح الدين الحنيف غارقا في الجهل والتخلف.
ولفت شيخ الأزهر إلى أن السبب الرئيسي في تنامي دور هذه الجماعات هو انحسار دور الأزهر وتعطل رسالته في أن يكون منارة الإسلام المعتدل والمرجعية الأساسية لوسطية الدين الحنيف حيث تم حصاره كي لا يكون فعالاً في اداء الرسالة التي من أجلها أنشئ.