فارس بن حزام

كل العالم يتغير ويتحرك، إلا المتطرف مازال خارج الزمان، ولا فائدة من انتظار نقاط إيجابية تهون على الجمهور رؤيته للواقع وللحياة المعاصرة.

فشيخ المتطرفين حين يرى وجوب تغطية المرأة لشعرها أمام المرأة الأجنبية عنها، فلا مجال لأي شخص متعاطف معه أن يقف مدافعاً عن فكر كهذا. التطرف بلغ مبلغه في الطلب من المرأة في المدارس والحفلات النسائية، كالأعراس وغيرها، أن لاتخلع حجابها. لا أعلم نوع الحذر والفتنة، التي يحاول الشيخ تجنيبها نساء المسلمين.

وحتى لا يأتي من يحاول quot;الترقيعquot; للشيخ، فهنا نص قوله من لسانه، حين سأله أحدهم: quot;هل يجوز أن تظهر المرأة شعرها ووجهها ورقبتها للنساء؟quot;، فكان جوابه: quot;ينبغي ألا يكون هذا إلا في الجلسات المختصرة عند أخواتها، وعند قريباتها. أما في المحافل وفي المدارس فأرى أن هذا من مداخل الشيطان (...) ولهذا أنا أنصح الأخوات الصالحات أن يقاومن هذه العادة، ويخرجن عليها بالمخالفة، ويعودن أنفسهن لبس الخمار على رؤوسهن حتى في مجامع الأعراس والمحافل وفي المدارسquot;.

لكن هل تطرفه جديد، وأفكاره هذه حديثة الصدور؟

طبعاً، لا. فهي قديمة وثابت عليها، وما الاختلاف الحالي إلا في وسائل التقنية، التي كشفتها ووسعت دائرة انتشارها، بدلاً من اقتصارها على طلبته ومريديه القلة، الذين ينتقلون لاحقاً إلى توزيعها على أكبر شريحة من الجمهور، عبر الفعاليات العامة، والإصدارات، والبرامج التلفزيونية، مع حرصهم المستمر على تلطيفها، بإعادة صياغتها، تخفيفاً على الجمهور من الصدمة.

المتطرفون، بمشايخهم الصغار وشيخهم الكبير، يعيشون مرحلة تعرية وانكشاف تام أمام الجمهور. والحمد لله أن جعل من التقنية الإعلامية الحديثة سبباً في انتشارهم أولاً وتعريتهم ثانياً، حتى بدأ الجمهور في تحويل فتاواهم إلى نكت للتداول وللتسلية، وأزال عنهم القدسية، التي أطبقت على المجتمع، فلا أحد يناقش رأي هذا الشيخ، ولا أحد يعارضه.

اليوم، باتت المعركة مع المتطرفين أسهل، ووقع الضربات عليهم أوجع، وشعبيتهم في تناقص. والفارق واضح بين المتطرفين وغيرهم من الدعاة المعتدلين، أو أصحاب الفتاوى الواقعية، فالفئة الأولى شهدت في العقد الأخير انحساراً شعبياً واضحاً، لصالح الفئة الثانية، وذلك أمر حسن، بدأ المجتمع في لمس نتائجه.

فلا قلق يستوجب الحذر من المتطرفين ومشايخهم الصغار، بقيادة شيخهم الكبير، فقد تحولوا إلى رسالة جوال للاستمتاع.