عبدالله بن بخيت

أصدر قبل عدة أيام الشيخ البراك فتوى تشيطن الكتاب والصحفيين، وتحرم على المرأة الخروج سافرة أمام النساء الأخريات. سحب الشيخ بفتواه هذه الأضواء من أصحاب الفتاوى المثيرة الأخرى. لعله يختم موسم الفتاوى هذا العام. قال بعض المعلقين إن هذه الفتوى أعادتنا إلى التعصب مرة أخرى وقال الذين دافعوا عن الفتوى إن الشيخ عبر عن رأيه. فلماذا نحجر عليه؟ كلا الطرفين على حق. أؤيد الشيخ في موقفه. ليس لأني أؤيد أن تتحجب المرأة أو لا تتحجب. من مبادئي عدم التدخل في المسائل الشخصية. الإنسان(امرأة أو رجل) هو الذي يقرر مصيره بنفسه ديناً ودنيا. لا حاجة للإنسان إلى كفيل في الدنيا أو في الآخرة. من حقي أن أفتي أن المرأة لا تخرج من بيتها إلا داخل تابوت مطلي بأسفلت أسود . من يريد الأخذ بهذه الفتوى فليتفضل.

أشعر بالسعادة أن معظم الذين أيدوا الشيخ قالوا إن الشيخ يعبر عن رأيه. هذه خطوة متقدمة جدا. كل فتوى علينا أن نسميها باسمها الصحيح. رأي مبني على توجهات فقهية إسلامية. لا يمثل الإسلام. لكنه يمثل الإسلام من وجهة نظر هذا الشيخ. إذا تعددت الآراء المبنية على الفقه الإسلامي تصبح المسألة خياراً. خذ ما يناسبك وما يتفق مع أسلوب حياتك. الرأي الملزم هو الرأي الذي تتبناه الحكومة و تصيغه في نص قانون. ما نخشاه فقط هو أن تقوم جهة حكومية رسمية مثل الهيئة وتدور بهذه الفتوى على الأسواق. بعد ذلك يمكن القول إن هناك نصاً يلزمني بخيار شخصي وآخر يلزمني بقوة القانون. حتى تلك القوانين التي تصدرها الدولة هي محل احترام وتطبيق ولكنها في نفس الوقت محل نقاش لإقناع المشرع بتغييرها أو تعديلها. عندما نميز بين القانون والرأي نصبح متمدنين. فتاوى العبادات لها شأن آخر. لا أستغني عن رجل الدين. لا يمكن أن أذهب إلى الحج دون التزود بفتوى من رجل أثق به. لكن عندما أذهب إلى دبي لا يمكن أن ألجأ إلى رجل دين. حكمتي الشخصية تكفيني. إذا كنت بلغت الثامنة عشر ولا أعرف حدود الأخلاق والتعامل، أظن أنني في حاجة إلى رعاية خاصة. يكتمل وعي الإنسان الاجتماعي والديني والحس السليم في الثامنة عشر. لا ينقص الإنسان في هذا العمر إلا المعلومة والخبرة. ملاحقة الإنسان بعد هذا العمر وحشره بالفتاوى، هدفه السيطرة والاستيلاء . المرأة التي تريد أن تقتنع بفتوى الشيخ لكي تتحجب عن امرأة أخرى تحتاج إلى سيكلوجية متناغمة مع سيكلوجية الشيخ. هي في الواقع لا تحتاج إلى هذه الفتوى هي تنتظر هذه الفتوى لأنها أصلا موجودة في داخلها وتحتاج إلى تفعيل.

هذه الفتوى هي امتداد لعشرات الآلاف من الفتوى. الجديد في الأمر حق الناس في رفضها علنا. في عهد الصحوة تسربت كثير مثل هذه الفتاوى إلى الأجهزة الحكومية وتم تبنيها في صيغة قوانين. حان الوقت لمراجعة هذه القوانين وتحويلها إلى آراء فقط. بعد ذلك من حق الشيخ أن يعبر عن رأيه حتى لو شيطن الكتاب، شريطة ألا ينسى الأستاذ خلف الحربي.