يوسف أبو لوز

يبلغ الزعيم الإفريقي نلسون مانديلا من العمر 92 عاماً أمضى منها قرابة 30 عاماً خلف القضبان بقي خلالها مقاوماً عنيداً لنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا .

قبيلته أطلقت عليه لقب ldquo;ماديباrdquo; التي تعني ldquo;الأرفع قدراًrdquo;، بحسب الموسوعة الحرة ldquo;ويكيبيدياrdquo;، وهو لقب تكريمي من شعب أعطاه هذا المناضل الصبور زهرة حياته من أجل الوصول إلى الكرامة والحرية وإزالة أسوأ أشكال التمييز .

أمس احتفل العالم ب ldquo;اليوم الدولي لنلسون مانديلاrdquo; وهو تكريم آخر أقرته الأمم المتحدة لرجل أصبح أيقونة سياسية وثقافية ليس على مستوى إفريقيا وحدها، بل على مستوى العالم .

لم يخضع للإكراهات ولا للإغراءات، وتمسك بثوابته الكفاحية والسياسية منذ أن بدأ نشاطه المناوئ للنظام العنصري الأبيض في جنوب إفريقيا عام ،1943 وهذه الروح الصلبة بالذات هي التي جعلته ينتصر .

السجن زاده صلابة وإيماناً أعمق بقضيته، والسجن أيضاً لم يبثّ لا في روحه ولا في جسده جرثومة اليأس، وبذلك كان أمثولة حية متجددة على قوة الإرادة التي لا تقبل أي بديل غير النصر والحرية .

من سجنه، ومن عتمة ذلك السجن كان يشكّل أباً روحياً وسياسياً وثقافياً لنضال السود الذين أيقنوا أن رياح الكرامة تأتي من كوّة السجن الذي كان يضيق على مانديلا، لكنه لم يكسر روحه، ولم يكسر قلبه ولا عقله .

ولكن . . ماذا لو كان نلسون مانديلا فلسطينياً؟

أظن أنه ما كان يقبل بالتخلي عن حق العودة، وكان غسل يديه ثلاث مرات بعد أن صافح عدوه، وكان ركل طاولة المفاوضات المباشرة وغير المباشرة، وتخلى عن البرود السياسي واستبدل به شيئاً من حرارة الدم .

مثل هذا الرجل . . يحترمه العالم لأنه قبل ذلك احترم نفسه واحترم شعبه، ولذلك يبقى رمزاً له اعتباريته وتقديره حتى ممن كانوا بالأمس أعداءه .

ثمة فرق بين مناضلي الأمس وrdquo;مناضليrdquo; اليوم . . أولئك كانوا يضعون أياديهم في قلب الجمر . . وهؤلاء يمددون أياديهم وأرجلهم في ماء بارد .

النسخة الأولى من النضال قابلة للبقاء وتتحول مع الأيام إلى رمز وتدخل قلب التاريخ .

أما النسخة الثانية فتظل على هوامش التاريخ .