موفق محادين

تنظيمان محليان من خارج الدولة والسلطة, احدثا انقلابين كبيرين امتد تأثيرهما على كل المنطقة هما حزب الله اللبناني وحماس الفلسطيني, ولم يكونا قبل صعودهما قوى ذات اثر معروف, مما يعطي الفرصة لاي تنظيم صغير بان يصبح مُهماً اذا امتلك الرؤية السياسية والارادة, كما يؤكد ان القوى الكبيرة, لاية دولة ومهما كانت لديها الامكانيات المادية والعسكرية قد تصبح خارج الفعل والتأثير والتاريخ.

فأما انقلاب حزب الله الذي عبر عنه مّرتين عام 2000 وعام 2006 وذلك بهزيمة اقوى ترسانة عسكرية متطورة منظمة هي ترسانة العدو الصهيوني, فيتمثل في انه اسس لاستراتيجية قتالية جديدة تُدرّس اليوم في الكليات الحربية العالمية, بل ان دولا عديدة راحت تعيد انتاج تشكيلاتها العسكرية وفق استراتيجية حزب الله التي تقوم على وحدات صغيرة مدربة سريعة الحركة وعلى قوة صاروخية متنوعة, من قاذفات متجددة دائما ضد الدروع الى قاذفات صاروخية متجددة متحركة تصل مسافات مختلفة, قصيرة ومتوسطة وطويلة. وهي الاستراتيجية التي حيدت التفوق في الطيران والتشكيلات المدرعة الثقيلة, كما انها تسمح بدمج المقاومة الشعبية فيها, فضلا عن انها اقل تكلفة وعبئا على الاقتصاد الوطني.

هذا عن انقلاب حزب الله العسكري اما انقلاب حماس فيستمد تأثيره من طابعه السياسي الذي خلط اوراقا اقليمية ودولية في لحظة حرجة للغاية لا سيما ان العدو يتعامل مع الضفة الغربية كأرض برسم الابتلاع التدريجي تاركا للفلسطينيين قطاع غزة لتكون دولتهم كخيار وحيد اولا واخيرا.. فجاء انقلاب حماس ليترك الاطراف المعروفة, خاصة السلطة الفلسطينية والقاهرة في العراء تماما, وينفتح في الوقت نفسه ملف الضفة الغربية كخيار آخر غير مرحب به صهيونيا وهو ما عجل في العدوان على غزة وحصارها الاجرامي كما عجل في خطوة متأخرة في سيناريوهات العدو وهي العمل على تفريغ حركة فتح من مضمونها السياسي لصالح حكومة فياض وبرنامج الترويض الممول اوروبيا وامريكيا تمهيدا لكونفدرالية البنيلوكس الثلاثي.

وبهذا المعنى فقد افسد انقلاب حماس وصمود حزب الله واستراتيجيته القتالية الترتيبات الامريكية - الاسرائيلية واستحقاقاتها الاقليمية والدولية في عموم المنطقة.

وليس صحيحا ان ايران وسورية كانتا المستفيدتين من ذلك وحدهما ولربما كانت تركيا على رأس المستفيدين من ذلك اضافة للوطنيين الفلسطينيين ولبلد مثل الاردن حيث وفر عليهما صمود حزب الله 2006 وانقلاب حماس سيناريوهات صهيونية لا تزال معلقة بانتظار عدوان صهيوني آخر على حزب الله وحماس, حيث تؤكد كل المعطيات ان مصيره لن يكون افضل من العدوان السابق.