عمال في المستشفيات يروون تجاربهم مع المهاجمين.. ومسلح يؤكد: لدينا عيادات خاصة

الموصل: تيموثي ويليامز وياسمين موسى


سيطر أعضاء تنظيم laquo;القاعدة في بلاد الرافدينraquo; على مصارف الدم والمستشفيات تحت تهديد السلاح، وقاموا بسرقة الدم من أجل إنقاذ المقاتلين المصابين التابعين للتنظيم بدلا من تعريضهم لخطر القبض عليهم في المنشآت الطبية، وذلك وفقا لما ذكره أطباء عراقيون وموظفون في المراكز الصحية ومسلحون بأنفسهم.
وقال مسؤولون بوزارة الصحة العراقية إن هذه الغارات تقع في بعض الأحيان في محافظات غالبية سكانها من العرب السنة، وتكشف على ما يبدو عن أن laquo;القاعدةraquo; في أمس الحاجة إلى حماية مجموعة المحاربين الأساسيين لديها. لكن قدرة المتمردين على تخويف العاملين بالمستشفيات وإجبارهم على الاعتناء بهم بصورة مباشرة قد تقلصت، حسبما ذكر المسؤولون، وتلاشى التأييد لهم بين العرب السنة، بما في ذلك الأطباء.

وذكر عاملون أن أعضاء قوات الأمن العراقية الذين يحرسون المرافق الطبية يقفون في الغالب عاجزين عن فعل أي شيء في الوقت الذي تقع فيه عمليات السطو المسلح. وعزز ذلك الشكوك بشأن قدرة العراق على الإجهاز على حركة تمرد في طريقها للذبول في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة خفض عدد قواتها بالبلاد.

وقال حداد حمد، وهو طبيب من محافظة الأنبار، إن هذه الهجمات كانت تحدث في غرب العراق عام 2005 عندما laquo;هاجم عناصر تنظيم القاعدة بنك الدم في مستشفى القائم، واستولوا على كميات ضخمة من الدم وأخذوهاraquo; إلى إحدى القرى المجاورة، لمعالجة جرحاهم. ولا يزال هذا المستشفى، الذي يقع بالقرب من الحدود السورية، هدفا لهجمات laquo;القاعدةraquo;. وفي الصيف الحالي، تم إغلاق المستشفى لعدة أيام من أجل حماية العمال بعدما تلقى الأطباء وغيرهم من أعضاء طاقم العاملين بالمستشفى تهديدات بالقتل لرفضهم التعاون مع تنظيم القاعدة للحصول على الدم والمساعدات الطبية الأخرى.

ومع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كان هذا الدم المسروق سيسعف الشخص المصاب أم لا، حيث إن اختلاف فصيلة الدم قد يسبب الوفاة. وقال الدكتور ياسين أحمد عباس، مدير جمعية الهلال الأحمر في العراق: laquo;حتى لو كان لديك نفس فصيلة الدم، فيجب أن يكون هناك توافق تام. ولا يعد ذلك إجراء سهلاraquo;.

بيد أن بعض الأطباء العراقيين الذين يعملون في المناطق السنية يعتقدون أن تنظيم القاعدة يضم اختصاصيين ينفذون عمليات نقل الدم ويعالجون إصابات الطلقات النارية وشظايا القنابل.

وقال أبو حارث، طبيب في مدينة الموصل التي لا تزال تعاني أعمال العنف في شمال البلاد: laquo;قام المتمردون باختطاف أحد المرضى من المستشفى الذي نعمل به، ثم أطلقوا سراحه بعد ذلك. تم بتر يديه وأذنيه بصورة دقيقة وماهرة للغاية، وبمهارة قد لا تكون لدى أي طبيب تلقى تدريبا حديثا. وهذا دليل بالنسبة لي على أن حركة التمرد تعتمد على نفسها في معالجة المصابينraquo;.

من جهته، يقول الجيش الأميركي إنه لم يكن على علم بعمليات السطو المسلح من جانب مقاتلي laquo;القاعدةraquo; على المستشفيات وبنوك الدم بحثا عن الدم. كما قال مسؤولون في وزارات الصحة والأمن القومي والدفاع إنهم لم يسمعوا عن هذه الهجمات.

ويقول الموظفون بالمستشفيات إنهم لم يبلغوا قوات الأمن العراقية بهذه المشكلة خوفا من عمليات الثأر أو لأنهم يعتقدون أن القوات العراقية والجيش العراقي يوجد به أفراد متعاطفون مع حركة التمرد. وقالوا إن عمليات سرقة الدم وقعت في محافظات ديالي وصلاح الدين والأنبار ونينوى، وكانت متكررة بصورة أكبر في الموصل، عاصمة محافظة نينوى.

وقال الدكتور أحمد الجبوري، مدير صحة الموصل، إن هذه الهجمات بدأت عام 2005، وإنه حتى فترة أخيرة من الهدوء النسبي، أصبحت مستشفيات الموصل laquo;مكانا للصراع بين المتمردين وقوات الشرطة العراقية والقوات الأميركية. اعتادت القوات الأمنية على القبض على أي شخص مصاب في المستشفى، لذا بدأ المتمردون نقل المصابين لديهم إلى أماكن خاصة، وبدأوا أخذ الدم من بنوك الدم من دون تصريحraquo;.

وقال الجبوري إن المشكلة قد هدأت. لكن العاملين بالمستشفى في الموصل اختلفوا معه في هذا الشأن. وقال أبو حازم، الموظف ببنك الدم في المستشفى العام في الموصل، إن ضباط الشرطة العراقيين جاءوا في الآونة الأخيرة، يبحثون عن الدم بعدما انفجرت سيارة مفخخة في أحد أقسام الشرطة القريبة من المنطقة ووضعوا أكياس الدم في قفص طماطم. وقال إن مجموعة من رجال laquo;القاعدةraquo; المسلحين جاءوا بعد أقل من ساعة يبحثون عن الدم لمداواة المصابين لديهم. وقال: laquo;أقسمت لهم بأنه لا يوجد أي أكياس دم، وأن الشرطة أخذت كل شيء، وشعروا بالغضب وهددوا بقتلنا وتفجير المكان إذا لم نتعاون معهم. لذا ذهبت وبحثت في حاويات الطوارئ وأعطيتهم كيسين. وقبل أن يغادروا قالوا لنا: ليكن هذا تحذيرا، في المرة القادمة سنقتلكمraquo;.

وقال رجل ادعى، أنه من مقاتلي laquo;القاعدةraquo; وأن اسمه الحركي هو laquo;أبو مصطفىraquo;، إن المتمردين مجبرون على سرقة الدم نظرا للضغوط من جانب القوات الأميركية والعراقية. وقال إن المتمردين أنشأوا أيضا العيادات الخاصة بهم والتي يعمل بها أطباء وممرضون.

وأضاف: laquo;أثناء المعارك الكبرى كنا نعاني من جروح خطيرة. لذا حاولنا أن نعتمد على أنفسنا لمنع المجاهدين من السقوط في أيدي الغزاةraquo;.

وقد عثر الجيش الأميركي على بقايا عيادات طبية في معاقل laquo;القاعدةraquo; في محافظة ديالي.

وفي مناسبة واحدة على الأقل، وصل المتمردون وقوات الشرطة إلى أحد المستشفيات في نفس الوقت، حسبما قال ذلك أبو كرم، الذي يعمل في أحد بنوك الدم في المدينة. وقال: laquo;جاء رجلان وقالا إنهما من الحكومة ويريدان فصيلة دم معينة. لقد كنت خائفا للغاية لأن أربعة من رجال الشرطة الذين أحضروا زميلا لهم مصابا كانوا يقفون بالجوار. وأعتقد أن رجال الشرطة والمتمردين أصيبوا في نفس الحادث. سمع رجال الشرطة ما دار بيننا، لكنهم لم يفعلوا شيئاraquo;. وأضاف: laquo;لقد سألت الرجال: من أي دولة أنتم؟ فقالوا: من دولة العراق الإسلامية. أعطنا الدم من دون تأخير. وطلبت النموذج الطبي اللازم منهم، لكنهم قالوا: هل أنت مستجد هنا؟ فأجبت: نعم. ثم قالوا: اذهب واسأل، الجميع يعرفنا ويعرف مصير كل من لا يتعاون معنا. هل فهمت؟ وعلى الجانب الآخر، كان رجال الشرطة يستمعون إلى ما دار بيننا، ولم يفعلوا شيئا. لذا أعطيتهم الدم وغادروا المكانraquo;. وقال: laquo;لقد سألت رجال الشرطة: ألم تسمع ما قالوا؟ ابتسم رجال الشرطة وقالوا: لسنا مستعدين لمواجهتهم في حين أن لدينا مصابين ينتظرونناraquo;.

* خدمة: laquo;نيويورك تايمزraquo;