البعض اعتبر غلاف laquo;تايمraquo; ابتزازا وآخرون رأوا فيه نموذجا لما سيحدث في حالة الانسحاب


كابل: رود نوردلاند


هي أمية لا تستطيع القراءة ولا الكتابة، لم تسمع من قبل عن مجلة laquo;تايمraquo; إلى أن أحضر إليها زائر نسخة من إصدار هذا الأسبوع، الذي حمل صورة وجهها مجدوع الأنف.
كانت عائشة بيبي، يوم الأربعاء على موعد لمغادرة كابل، في رحلة تم التخطيط لها منذ فترة طويلة، إلى الولايات المتحدة لجراحة تجميل. لم تكن عائشة وهي تستعد لمغادرة ملجأ النساء في كابل في موقع سري، الذي لجأت إليه خلال الشهور العشرة الماضية، تعلم بالجدل المحيط بنشر الصورة. وقالت ويدها تتحرك بصورة غريزية لتغطي الثقب الموجود في وسط وجهها، كما تفعل عندما ينظر شخص غريب مباشرة إلى وجهها: laquo;لا أعلم إن كان ذلك سيساعد النساء الأخريات أم لا، لكني أرغب في استعادة أنفي وفقطraquo;.

كانت ردود الفعل تجاه الصور المنشورة على غلاف مجلة laquo;تايمraquo; أشبه باختبار على الإنترنت للمواقف تجاه الحرب والمسؤولية الأميركية في أفغانستان. وصف منتقدو الوجود الأميركي في أفغانستان الصورة بأنها نوع من laquo;الابتزاز العاطفيraquo;، بل إن البعض وصفها بـlaquo;إباحية الحربraquo;، فيما رأى البعض ممن يخشون عاقبة التخلي عن أفغانستان في الصورة نداء قويا للضمير الأميركي.

ما أثار هذه النقاشات هو تلك النبرة التي أرفقتها المجلة بالصورة، حيث تساءلت المجلة laquo;ماذا سيحدث إن غادرنا أفغانستان؟raquo;، قالت منيزه نادري، الأميركية من أصل أفغاني، التي تدير جماعتها laquo;نساء من أجل المرأة الأفغانيةraquo; الملجأ الذي تقيم فيه عائشة، مشيرة إلى حالة إلى عائشة وحالات أخرى مشابهة: laquo;هذا بالضبط ما سيحدث. الناس بحاجة لأن يروا ذلك ويعرفوا التكلفة التي ستحدث عند التخلي عن هذه البلادraquo;.

وكتبت بريامفادا غوبال، في صحيفة laquo;الغارديانraquo;، الصحيفة البريطانية الليبرالية يوم الأربعاء: laquo;كان دعاة المساواة بين الجنسين يقولون إن الاستشهاد بأوضاع النساء لتبرير الاحتلال ليس سوى حيلة، وغلاف مجلة التايم يقف متهما بذلكraquo;.

laquo;باغ نيوزraquo;، موقع ذو توجهات يسارية يتناول سياسات التصوير في الإعلام، رأى في الأمر نوعا من المؤامرة. فكتب مايكل شو: laquo;ألا يمثل هذا الإعلان نوعا من الابتزاز العاطفي للترويج لاستمرار الوجود الأميركي في أفغانستان؟raquo; لكن ريتشارد ستينغل، مدير التحرير في مجلة laquo;تايمraquo; رأى غير ذلك، فكتب على موقع المجلة على الإنترنت: laquo;الصورة نافذة على حقيقة ما يحدث - وما يمكن أن يحدث - في حرب تؤثر علينا جميعاraquo;.

تشكل حالة عائشة، التي طلبت عدم ذكر اسم عائلتها، دليلا على تجاوزات طالبان والمجتمع القبلي البشتوني في المناطق النائية من أفغانستان بوجه عام. وجه عائشة، بغض النظر عن التشويه، يحمل ذات القدر من الجمال للاجئة الأفغانية التي تصدرت صورتها غلاف مجلة laquo;ناشيونال جيوغرافيكraquo; عام 1985 والتي تحولت حينها إلى رمز لكارثة البلاد.

في سن الثانية عشرة عُهد بعائشة وأختها إلى أحد مقاتلي طالبان في إقليم أوروزغان وفق عرف قبلي لتسوية النزاعات، فقد قتل عم عائشة قريبا لمن يفترض أن يكون زوجها، وبحسب التقاليد يفترض لتسوية النزاع أن يقوم والدها بتقديم ابنتين لعائلة الضحية.

ما إن وصلت عائشة إلى سن البلوغ تزوجت من مقاتل طالبان، لكن نظرا لأنها كانت مختفية طول الوقت فقد كانت هي وأختها تقيمان مع ماشية إخوة زوجها وتستخدمان كإماء، وتتعرضان للضرب كعقاب على جريمة عمهما، هربت عائشة من الظلم، لكن زوجها اقتفى أثرها في قندهار قبل عام وعاد بها إلى أوروزغان، وقام بمفرده بقطع أنفها وأذنيها وتركها تنزف وانصرف. وتقول إنها لا تتذكر كيف تمكنت من الوصول إلى النجدة.

وقالت نادري: معروف في ثقافة البشتون، أن الزوج الذي يخجل من أفعال زوجته يكون كمن فقد أنفه، ويبدو أن الزوج عاقب عائشة بهذه الصورة من وجهة نظره.

أخذ عمال الإغاثة في إقليم أوروزغان عائشة إلى ملجأ جمعية نساء من أجل نساء أفغانستان في كابل، حيث كانت فاقدة النطق من هول الصدمة، ثم عرضوها على أطباء نفسيين وعادت لتتحسن شيئا فشيئا، ثم تعلمت حرفة يدوية، لكنها لم تظهر اهتماما كبيرا بالتعليم. حتى قبل أن تنشر laquo;تايمraquo; القصة، كانت المنظمة قد تمكنت من العثور على متبرع من جمعية laquo;غروسمان بيرن فونديشنraquo; في كلاباسيز بولاية كاليفورنيا التي وافقت على تحمل تكلفة ثمانية أشهر من الجراحة التعويضية.

خلال وجود عائشة في ملجأ النساء قدم والد عائشة لزيارتها وحاول إقناعها بالعودة إلى منزلها والعائلة، لكنها رفضت القيام بذلك، وقالت: laquo;ما زلت غاضبة مما فعلوه بيraquo;. كانت تأمل أيضا في تتصل بعائلتها لتخبرهم بأنها ستغادر إلى أميركا، لكن لسوء الحظ لا توجد هناك أي تغطية لشبكة الهواتف الجوالة في المنطقة التي قدمت منها والتي تسيطر عليها طالبان.

ارتدت عائشة في يومها الأخير في الملجأ زيا تقليديا وردي اللون وقلائد وعانقت الفتيات والنساء الأخريات في الملجأ وقالت إنها سعيدة بالذهاب إلى أميركا.

* خدمة laquo;نيويورك تايمزraquo;