سركيس نعوم

ماذا سيحصل الآن في العراق بسبب تعثّر تأليف الحكومة اكثر من خمسة اشهر بعد اجراء الانتخابات التشريعية؟ عن هذا السؤال أجاب الموظف المهم نفسه والمتعامل مع ملف العراق داخل quot;الإدارةquot; البارزة في الإدارة الاميركية، قال: quot;الآن سيبدأ البحث من جديد ولكن في صورة رسمية ومن داخل مجلس النواب الذي بدأت ولايته اخيراً بقرار المصادقة على نتائج الانتخابات. طبعاً حصل تأخير بسبب مشكلات اخرى منها الطعون التي استوجبت إعادة الفرز في مناطق معينة ولا سيما في بغداد. إلا ان إعادة الفرز لم تغيّر في النتائج المعلنة. إذ بقي اياد علاوي وقائمته quot;العراقيةquot; في المقدمة من حيث عدد المقاعد النيابية. الآن هناك مسألة تشغل الجميع هي من يحق له ان يكون رئيساً للحكومة؟ من فاز بأكبر كتلة نيابية بعد خوضه الانتخابات على رأس قائمة واحدة؟ أم من تختاره الكتلة النيابية الاكبر التي تتألف من مجموعات حزبية تنافس بعضها مع بعض اثناء الانتخابات؟ في الانتخابات السابقة قرر quot;المجلس الدستوريquot; او المجلس الرسمي الذي يشبهه ان الكتلة الاكبر التي تتشكل بعد الانتخابات تختار رئيس الحكومة منها. وقُبِلَ قرار الجميع حينذاكquot;. علّقتُ: قُلتُ ان ايران حاولت جمع المرشحين الشيعة في ائتلاف واحد قبل الانتخابات واخفقت. لكن لا تنسَ انها وحّدتهم، وهي فرضت وحدتهم بعد الانتخابات رغم عدم توصّل زعماء هؤلاء الى تسوية كل خلافاتهم. علماً ان لجنة حكماء شُكّلت لايجاد حلول او تسويات لكل المشكلات. ردّ: quot;ما تقوله صحيح ونعرفه. لكن ايران فرضت الوحدة ليس لانها بكل بساطة لا تريد اياد علاوي رئيساً للحكومة، وهي لا تريده، بل لأن مصالحها تفرض عليها جمع الشيعة العراقيين في مرحلة مصيرية لها ولهم. علماً ان السبب الفعلي للخلاف ليس ان ايران ترفض علاوي بل هو طموح نوري المالكي منافسه ورئيس الحكومة الحالية التي انتهت مهمتها بعد المصادقة على نتائج الانتخابات النيابية ورغبته في تأليف الحكومة الجديدة. وعلماً ايضاً ان هناك طامحين غيره لرئاسة الحكومة في الكتلة النيابية التي يتزعّمها السيدان عمار الحكيم ومقتدى الصدر. لا بد من الاشارة هنا الى ان علاقة المالكي بسوريا سيئة جداًquot;.
علّقتُ: اشيع في اوساط عراقية وعربية ودولية عدة ان سوريا حصلت على تأييد من السعودية وتركيا وايران لترؤس اياد علاوي الحكومة الجديدة اذا فاز باكبر كتلة نيابية. تبين لاحقاً ان سوريا تريد علاوي لأنه يعزز وضعها في العراق ويعزز التعاون بينها وبين السعودية الذي استؤنف بعد المصالحة الشهيرة في قمة الكويت. وتعرف ان هناك تنافساً بين سوريا وايران في العراق. فالأولى ومن خلال السنّة والبعث تؤسس نفوذاً مهماً في العراق وخصوصاً اذا دعمها السعوديون وعرب الخليج. اما الثانية اي ايران فتعرف ان مصلحتها تكمن في توحيد الشيعة لأسباب متنوعة وخصوصاً في مواجهتها الاقليمية ndash; الدولية الصعبة التي تخوض. ولذلك فإنها رفضت علاوي رغم انه كان طرحاً سورياً. ردّ الموظف المهم نفسه المتعاطي شؤون العراق في quot;الإدارةquot; البارزة اياها داخل الإدارة الاميركية: quot;قد تكون ايران رفضت علاوي. لكن قبل رفضها هذا رفضه شيعة العراق او بالأحرى غالبيتهم. والأسباب كثيرة بعضها سياسي وجوهري. الا ان ابرزها يبقى الصراع على رئاسة الحكومةquot;. علّقتُ: سمعت ان جهات شيعية عراقية مهمة رفضت علاوي رئيساً للحكومة رغم انه شيعي لأنه اُنتخب من السنّة وليس من الشيعة (73 نائباً في كتلته ينتمون الى الاسلام السنّي و12 الى الاسلام الشيعي و6 الى فئات مختلفة). وهذا يعني ان شيعة العراق لا يعتبرون ان علاوي يمثلّهم. ردّ: quot;هذا امر صحيح. لكن لا تنسَ ان علاوي يجول باستمرار على المناطق السنّية وعلى دول الجوار السنّي. كما ان ايران استدعت الجميع الى طهران للبحث في توحيد المواقفquot;.
علّقتُ: ما تقوله يدفع ايران وشيعة العراق الى مزيد من التمسّك برفض علاوي. هل تعتقد ان العداء القديم بين آل الحكيم وحزب quot;الدعوةquot; قد يتسبب بانشقاق في الائتلاف الجديد الموسع الذي quot;فرضتهquot; ايران وتالياً قد يعطي علاوي فرصة جديدة للعودة الى رئاسة الحكومة؟ اجاب: quot;هناك حرص عندنا وعند عرب الجوار والعراقيين وخصوصاً الشيعة على عدم استبعاد السنّة من الحكومة والحكم. والمقصود السنّة الذين يمثلون فعلاً quot;طائفتهمquot;. وهؤلاء موجودون في الكتلة النيابية لعلاوي. لكن كيف يكون ذلك؟ لا احد يعرف حتى الآن. لا يزال الخلاف على رئاسة الحكومة محتدماًquot;.
سألت: أي دور للاكراد العراقيين في ذلك؟ او هل لهم دور فيه؟ وهل ينضمون الى فريق ويقفون ضد آخر؟. أجاب: quot;طبعاً هناك اكراد جلال الطالباني واكراد مسعود البرزاني. وهناك مجموعة quot;كورquot; المنشقة عن الطالباني. ونحن نتساءل هل اضعف انشقاق quot;كورquot; الطالباني؟ وهل يدفع انشقاقها البرزاني الى العمل لاحتواء الطالباني؟ لا اجوبة عن كل ذلك. لكن ما يعرفه الجميع ان ميل الاكراد في غالبيتهم الى فريق يُربحه. لكن هل يسهّلون تأليف حكومة لا تمثيل شيعي اكثري فيها؟ لا اعرفquot;. سألتُ: الاكراد مرتبطون بكم اي بأميركا على ما هو معروف. ويفترض انهم يسمعون نصائحكم. فهل قدمتم نصائح معينة في خصوص الموضوعات التي تتحدث فيها؟ اجاب: quot;ما تقوله فيه بعض الصحة. لكنه ليس حاسماً على النحو الذي قلته. طبعاً ساعدنا الاكراد. وعلاقتنا بهم جيدة من زمان. وهم لهم مؤيدون في واشنطن. ونتشاور معهم في موضوعات كثيرة. ونعطي رأينا، وغالباً ما نتفق. لكننا لا نفرض رأياً معيناً عليهمquot;.
علّقتُ: يتردد ان العراق قد يشهد حرباً اهلية اذا لم يحصل تفاهم سريع على حكومة ممثلة للجميع. ردّ: quot;لماذا؟ ومن الذي سيقوم بالحرب؟quot; علّقتُ منهياً الحديث: لقد بذلتم جهوداً كبيرة لجعل سنّة العراق يشاركون في الانتخابات ويدخلون الدولة. ونجحتم فأقلع معظمهم عن ان يكونوا مجال نفوذ لـquot;القاعدةquot; والذين على شاكلتها. وقد ساهمت في ذلك السعودية والاردن والامارات. وظهرت في وضوح خسائر quot;القاعدةquot;. الا تعتقد ان سنّة العراق سيعودون الى quot;الحربquot; او الى عدم الاستقرار وبدعم من جوارهم اذا همشوا من جديد؟ أوليس من شأن ذلك توريط الجميع في حرب صعبة داخل العراق؟
ماذا في جعبة متعاطٍ اميركي على نحو مباشر ورسمي بعملية السلام في الشرق الاوسط وتحديداً بإعادة اطلاقها في الإدارة quot;البارزةquot; نفسها داخل الإدارة الاميركية؟