روسيا لا تريد إيران قوية ونووية

سركيس نعوم

رداً على سؤال اذا كان حصل سوء تفاهم بين انقرة وواشنطن حول موافقة الأخيرة على مسعى الاولى مع ايران النووية واذا كان رئيس ايران محمود أحمدي نجاد quot;غشّquot; تركيا والبرازيل بعدم ابلاغهما ان بلاده تعتزم الاستمرار في تخصيب الاورانيوم بنسبة 20 في المئة بعد توقيع الاتفاق النووي معهما، أجاب الموظف المهم نفسه الذي هو على تماس مع الموضوع الايراني في الادارة quot;البارزةquot; نفسها داخل الادارة الاميركية، قال: quot;أنت محق. أعتقد ان تركيا والى حد ما البرازيل كانتا واثقتين ان أحمدي نجاد لن يضع العصي في الدواليب كما يقال ولم تتوقعا موقفه. نعم يمكن القول انه استغلهما. على كل انها ليست المرة الاولى التي تعمل فيها ايران ضد مصالحهاquot;.
علّقتُ: هناك اعتقاد ان روسيا كشفت عندما قال رئيسها ديمتري ميدفيديف ان نسبة التوصل الى اتفاق مع ايران حول ملفها النووي تبلغ ثلاثين في المئة، انها ليست مع نووية ايران ولا ضد فرض عقوبات جديدة عليها. علماً انها كانت في السنوات الاخيرة تبتزّ اميركا من خلال مراعاتها المواقف والمطالب الايرانية والتجاوب مع بعضها. ردّ: quot;أعتقد ان التاريخ بين ايران وروسيا مليء بالمشكلات والأزمات. روسيا لا تريد ايران نووية على حدودها. بل يمكن القول انها لا تريد ايران قوية. اضطرت ايران بسبب سياساتها ومواقفها الى اللجوء الى روسيا وذلك بعدما ساهمت بقصد او من دون قصد في اغلاق ابواب الغرب بل غالبية العالم في وجهها. ستصوّت روسيا بـquot;نعمquot; على العقوبات (وقد فعلت ذلك) والصين ستصوّت عليها بـquot;نعمquot; ايضاً رغم كل المكاسب الاقتصادية التي تحصل عليها من ايران. وهي على كل حال صوّتت بـquot;نعمquot; على كل العقوبات الدولية السابقة التي فرضها مجلس الأمن على ايرانquot;.
سألت: ما هي أهمية هذه العقوبات؟ وهل تؤثر على ايران في رأيك؟ اجاب: quot;لا يتحقق اجماع الدول الكبرى وخصوصاً ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن الا بعد التفاهم على تنازلات لا بد ان تكون على حساب فاعلية العقوبات. في اي حال ان العقوبة التي تقصم ظهر ايران وتدفعها الى الحوار الجدي مع المجتمع الدولي هي خفض اسعار النفط على نحو كبير اذ انه يهددها بالافلاس وتالياً بالعجز عن مواصلة تنفيذ مشروعاتها النووية والعسكرية والتوسعية في المنطقة. هذا ما حصل عندما وافق الخميني عام 1988 على قرار مجلس الامن بوقف الحرب العراقية ndash; الايرانية. قال له في ذلك الوقت مساعدوه وأركانه: لا نستطيع الاستمرار في الحرب. سنُفلس أو بالاحرى نُفلس الآن. لكن ما يزعج ايران في اي حال ليس فاعلية العقوبات المفروضة عليها، وتحديداً الاخيرة منها، بل هو اقدام المجتمع الدولي برمته على الاشارة اليها او ربما التعامل معها باعتبارها دولة خارجة على القوانين الدولية ومتمردة على العالم كله.
وهذا وضع يجعلها شبيهة بالسودان المطلوب اعتقال رئيسه بموجب مذكرة قضائية من محكمة الجنايات الدولية لاتهامه بالمسؤولية عن مجازر دارفور (التي صارت لاحقاً جرائم ابادة)quot;. علّقت: هناك امران يمكن ان تكون ايران تريدهما او تسعى الى تحقيقهما. الاول، الحصول على تكنولوجيا ومواد نووية وعلى المعرفة الضرورية لصنع سلاح نووي وفي الوقت نفسه الامتناع عن صنع هذا السلاح الا اذا اضطرتها الاخطار والتحديات والظروف البالغة الصعوبة الى ذلك من اجل الدفاع عن نفسها. اما الامر الثاني، فهو ان تكون صاحبة دور في المنطقة وربما شريكة لأميركا فيها. ردّ: quot;ما تقوله قد يكون صحيحاً في صورة عامة. لكن من يضمن بعد حصول ايران على ما تقول ان لا تصنع القنبلة النووية وخصوصاً انها لا تزال في صراع مع العالم واميركا تحديداً؟ ناهيك بأنها لم تظهر شيئاً حتى الآن يثبت ان مشروعها النووي سلمي. وهذا أمر يعوق أي تفاهم معها. أما الامر الثاني الذي اشرت اليه فانني اوافق عليه لأن ايران دولة كبيرة وقوية في المنطقة وتطمح الى دور فيها.
لِمَ لا؟ ولكنها لا يمكن أن تحصل على ذلك بالفوضى او بانتهاك القوانين، كما لا يمكن ان يكون دورها على حساب الجهات الاخرى الاقليمية او الدوليةquot;. قلت: تتردد أقوال وتحليلات تفيد ان ايران واميركا محكومتان استراتيجياً بالتقاء مصالح لا بد ان يدفعهما يوما الى تفاهم وتعاون وتنسيق. ذلك ان الاصولية السنّية العنفية التكفيرية تتفشى في العالم الاسلامي ومعها شعور عداء كبير للغرب ولأميركا تحديدا. وهي تشكل تهديداً لهما كما لحليفتهما اسرائيل. في حين ان ايران المهددة بدورها من الاصولية المذكورة تستطيع بقوتها وبدعم اميركا لها أن تكون سداً في وجه اخطارها. ردّ: quot;أنا موظف. ولكنني استاذ جامعي ايضاً. وكما قلت لك إنني أعرف ايران جيداً ولي فيها تجربة مؤلمة جداً. أنا أعطي محاضرات في معهد... وتلاميذي للمناسبة لا يعرفون الكثير. بعد أسابيع عدة من المحاضرات والاسئلة والمناقشات عن ايران والمنطقة سألني هؤلاء عن اسباب صراع اميركا مع ايران في وقت يبدو ان هناك عوامل كثيرة تجمع بينهما. وجوابي لهم كان ان هذا الموضوع سيتضمّنه السؤال الذي سأطرحه عليهم في quot;الفحصquot; (أي الامتحان) الاخير الذي سيجرونهquot;. سألت: مجلس الأمن سيقر قريباً عقوبات جديدة على ايران (فَعَل) ماذا سيكون رد الفعل في رأيك اذا لم يُبدِ الايرانيون تجاوباً؟ وأين يصبح الخيار العسكري في هذه الحال؟
اجاب الموظف المهم نفسه الذي على تماس مع الموضوع الايراني في quot;الادارةquot; البارزة اياها داخل الادارة الاميركية، قال: quot;نحن العاملين في الديبلوماسية لا نجيب عن أسئلة افتراضية. لا تنتظر مني ان اقول مسبقاً إن العقوبات ستفشل وتالياً أن تسألني ماذا سنفعل في هذه الحال. هذا ليس ديبلوماسياًquot;. علّقت: في العسكر الامور مختلفة. اذ تدرس كل الاحتمالات السياسية والديبلوماسية والعسكرية، كما توضع الخطط اللازمة في المجالات الثلاثة المذكورة. رد: quot;في بداية ثورة الخميني عام 1979 ظن كثيرون من المحللين والخبراء ان النظام الذي أسّسه سيسقط أو ينهار بعد وفاته، لكنه صمد. انه يواجه تحديات كثيرة في الداخل ومع الخارج. الذين في السلطة من رجال الدين كانوا في معظمهم مع الخميني مثل رفسنجاني وجنتي وخامنئي وغيرهم. لذلك بقوا بعد وفاته. وحده منتظري خرج من السلطة لأنه لم يكن من ضمن حلقة الخميني ولأنه افتقر الى شبق السلطة والمال وكانت لديه استقلالية في التفكيرquot;.
ماذا في جعبة موظف مهم في الادارة quot;البارزةquot; نفسها داخل الادارة الاميركية يتعاطى مع ملفات شرق أوسطية مهمة من بينها لبنان؟