عبدالرزاق الصافي

كان من المفترض ان يتم سحب الوحدات القتالية الامريكية من العراق، وفقاً للاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة الامريكية، اتفاقية سحب القوات، في نهاية الشهر الجاري laquo;اغسطسraquo;. غير ان هذا الانسحاب تم قبل هذا الموعد بحوالي الاسبوعين، مما يعكس اهتمام الادارة الامريكية بموضوع هذا الانسحاب، وإجرائه وفقاً للاتفاقية، لما لذلك من اهمية بالنسبة لها، باعتباره تنفيذاً لوعد انتخابي اطلقه الرئيس باراك اوباما في حملته الانتخابية، التي جاءت به الى سدة الرئاسة. ولأهمية ذلك في التحضير لانتخابات نصف اعضاء الكونغرس الامريكي في شهر نوفمبر القادم.
وبطبيعة الحال فإن هذا الانسحاب لا ينهي الوجود العسكري الامريكي في العراق، إذ سيبقى في العراق خمسون الف عسكري امريكي حتى نهاية العام القادم 2011. وذلك لأغراض استكمال جاهزية القوات العراقية لتولي مهمة حفظ الامن الداخلي بالكامل. وهي المهمة التي بدأتها منذ فترة سابقة، وتقوم بها حالياً. واثبتت، رغم ما حصل من خروقات امنية خطيرة خلال العام الماضي وهذا العام، وآخرها الخرق الامني الذي جرى هذا الشهر وادى الى استشهاد نحو ستين متطوعاً للخدمة العسكرية وجرح ما يزيد على المائة، اثبتت انها قادرة على انجاز هذه المهمة الوطنية بكفاءة مقبولة، اذا ما دُعمت بوحدة وطنية وباجراءات لا تقتصر على الجانب الامني، بل تشمل الجوانب الاقتصادية والخدمية وغيرها.
ولا شك في ان هذا الانسحاب هو خطوة نحو استكمال السيادة الوطنية العراقية، التي يتطلع اليها ويناضل من اجلها الشعب العراقي بكل قواه الوطنية والديمقراطية.
ولعل اهم دعم لمسيرة الشعب العراقي لاستكمال سيادته الوطنية الكاملة، في الظرف الراهن، هو انهاء الحالة المزرية التي تعيشها النخب السياسية المتنفذة، الناجمة عن صراعاتها اللامسؤولة على السلطة، وعدم تشكيل الحكومة الجديدة، رغم مرور ما يقرب من ستة اشهر على انتهاء الانتخابات النيابية، واستمرار الخرق الدستوري في جعل جلسة مجلس النواب مفتوحة الى اجل غير مسمى، وهو، اي المجلس، الذي يفترض ان يقوم بواجبه في انتخاب رئاسته لاتاحة الفرصة لانتخاب رئيس الجمهورية، الذي يتوجب عليه ان يكلف رئيس الكتلة النيابية الاكبر لتشكيل الوزارة.
لقد سببت هذه الحالة تذمراً واسعاً بين صفوف الرأي العام العراقي، تمثل في الاعتصامات والمظاهرات والمذكرات العديدة التي نظمتها القوى الدمقراطية للمطالبة بالاسراع بتشكيل الحكومة وتعزيز الامن وتمكين الاجهزة المعنية بحفظه على القيام بواجباتها على خير وجه. والوقوف بوجه الدعوات الهادفة الى اطالة امد وجود القوات الأجنبية على ارض الوطن، بحجة عدم جاهزية القوات العراقية على القيام بهذه المهمة الوطنية الشريفة. وذلك لأن هذه الدعوات تلتقي عملياً بجهود واعمال التخريب والاجرام التي تقوم بها الجهات المعادية للعملية السياسية، وفي مقدمتها فلول تنظيم القاعدة الاجرامي وانصار النظام الدكتاتوري المنهار المتمسكين باحلامهم العصفورية للعودة الى السلطة لاستكمال نهج الارهاب الدموي ضد الشعب العراقي والقبور الجماعية ومصادرة حقوق الشعب الكردي القومية العادلة وتوتير الاجواء ضد الاشقاء والجيران وإثارة الحروب العبثية التي كلفت شعبنا ما يزيد على المليون ضحية ودمرت اقتصاد البلد وتسببت في ارجاع الوطن عشرات السنين الى الوراء.
فمتى ستستجيب النخب السياسية المتحكمة بالعملية السياسية لما تطالب به القوى الديمقراطية والوطنية وتقدم على اجراء التنازلات لبعضها البعض وتشكيل الحكومة التي طال انتظارها، قبل ان تتحول خيبة امل الناخبين بمن انتخبوهم اعضاء في مجلس النواب الى ما لا تحمد عقباه!.