عبدالله عمران

على مستوى التاريخ والحاضر، وعلى صعيد المستقبل قطعاً، تمثل البحرين في الذاكرة العربية والخليجية نقطة أمل مشعة دائماً، كانت للشعب العربي في هذه المنطقة مرفأ الحضارة والتجارة والثقافة، وإليها سارت الهجرات الأولى تطلب العلم والعيش الكريم، ومنها انطلقت طلائع المجتمع الخليجي إلى مراكز التنوير على امتداد الأرض العربية .

ولقد كانت البحرين العزيزة، ولا تزال، صمام أمان المنطقة، وحافظة التوازن، ودليل التعايش بين أطياف الشعب الواحد الأصيل، حيث الوطنية أرضية وسقف، والمواطنة الصالحة هاجس الجميع، وحيث تعدد الرؤى والأفكار مكرس لخدمة حركة التقدم، وتعميق العناوين الوطنية الكبرى .

من هنا، فإن الحوار المفتوح على أفق الحرية، انطلاقاً من قاعدة التعدد والاختلاف، ضرورة قصوى في مملكة البحرين اليوم . خطوات الإصلاح التي بدأت العام 2001 يجب أن تستمر، وكل منجز في سبيل تكريس الديمقراطية وتفعيل الحراك السياسي يجب أن يستمر، أما أمن البحرين فخط أحمر، وليس من مصلحة أحد النيل منه بأي شكل من الأشكال . المطلوب اتفاق الجميع على المبادئ العامة التي ميزت مسيرة السنوات الماضية، لكن مع تفعيل قيم الحرية والعدالة والحوار، ونبذ العنف وسيلة احتجاج أو لأي سبب كان، ففي ذلك تحقيق الوحدة الوطنية، وتقوية النسيج الاجتماعي بكل موروثاته الحضارية .

من واقع محبة البحرين، والحرص الشديد على تقدمها وأمنها واستقرارها، تقال هنا رسالة مخلصة وصادرة من القلب: الجهد الجمعي نحو الحفاظ على البحرين مجتمعاً ووطناً ومسافة مضيئة في منطقتنا، مسألة حتمية ومصير، فليس من الحكمة الوقوف في منتصف الطريق نحو مستقبل بدا في وقت من الأوقات، بناء على تجربة الواقع، لامعاً وزاهياً وأكثر قوةً وثقةً .

والأمل أن تكون الأحداث الأخيرة مؤقتة وطارئة، ولا أثر سلبياً لها في حياة البلد الغالي والشعب الشقيق، وما تنطوي عليه الرسالة إلى البحرين أيضاً أنها جزء لا جزيرة منعزلة، وأن ما يحدث فيها يؤثر في منطقتنا بخيره وشرّه . أبعد الله عن البحرين والمنطقة الشرور والمفاجآت غير السارة، وحفظها من كل سوء .

وقلوبنا مع البحرين وعلى البحرين، هكذا تقول العاطفة كما تقول السياسة . البحرين التي هي قلب الفعل والتفاعل والجغرافيا هي في قلب كل خليجي وعربي، ولا يكتسب واقعنا سويته إلا بها آمنةً ومستقرةً .