داود الشريان


هدأت الضجة التي أثارها بعض laquo;الإخوان المسلمينraquo; ضد مسلسل laquo;الجماعةraquo;. وخف الهجوم الذي شنه بعضهم على مؤلف المسلسل وحيد حامد. الهدوء لم يكن ناتجاً من تغير رأي laquo;الإخوانraquo; بعد مشاهدة جل حلقات المسلسل المثير، وتبدد الشكوك التي اثيرت بداية شهر رمضان. القصة ان laquo;الإخوانraquo; اكتشفوا ان مسلسل laquo;الجماعةraquo; رفع عنهم الحظر، وأدخلهم الى كل بيت مصري، وخلق تعاطفاً غير مسبوق مع حركتهم.

حظي مسلسل laquo;الجماعةraquo; باهتمام شعبي ونقدي وسياسي يشبه، الى حد بعيد، الاهتمام الذي لقيه مسلسل laquo;الملك فاروقraquo;. ولعلنا نتذكر أن الكتابات التي سبقت عرض laquo;فاروقraquo;، هاجمت الجهة المنتجة، وتحدثت عن مؤامرة لتلميع مرحلة الحكم الملكي في مصر، لكن سرعان ما تغيرت الحال. اكتشف المصريون والعرب ان بعض كتب التاريخ ظلم الحياة البرلمانية والاقتصادية والسياسية في مرحلة فاروق. وجرى تأييد المسلسل من اقلام محسوبة على مرحلة الثورة، فضلاً عن ان laquo;الملك فاروقraquo; قدم صورة مصر التقليدية في التمدن والجمال والذوق.

مسلسل laquo;الجماعةraquo; أفضى الى النتيجة ذاتها، فأحبه الذين اعترضوا عليه في البداية، وتوجس منه بعض الذين دعموا تأليفه وإنتاجه. وخلال الأيام الماضية اصبح الحديث عن جماعة laquo;الإخوانraquo; عاملاً مشتركاً بين المصريين، في البيوت والمقاهي، وعلى أعمدة الصحف، فضلاً عن ان طبيعية الدراما تقوم على الإِثارة والتشويق، وتستند الى فكرة البطل. ولهذا خدم laquo;الجماعةraquo; رموز الإخوان وفرض تاريخهم وزرع تفاصيل حياتهم في عيون الناس، وأذهانهم.

حكاية مسلسل laquo;الجماعةraquo;، وما أثير حول رفضه، وتأليفه، تؤكد قضيتين مهمتين، الأولى ان الدراما وسيلة جبارة في خدمة التاريخ، بدليل ان غالبية الشباب، الذين لا يختلفون عن المواطن الصيني في معرفة تاريخ القادة المسلمين اصبحوا يعرفون قصة القعقاع بن عمرو في شكل مدهش. والأمر الآخر أن التأثير وردّ الفعل غير المتوقع على مسلسل laquo;الجماعةraquo;، جعلا بعض البلاد العربية، يعاود النظر في موقفه من الدراما وأهميتها في نقل التاريخ. وربما شهدت الأيام القادمة رفع الحظر عن شخصيات وأحداث، لكن الدول العربية لن تكون مستقبلاً ميالة لاستخدام الدراما في الدعاية السياسية، لأنها سلاح ذو حدين.