عبدالرحمن سعد العرابي

* بمناسبة إنهاء القوات الأمريكية عملياتها القتالية في العراق اعتبر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ldquo;أن العراق أصبح سيدًا مستقلًاrdquo; ولم ينس في غمرة قوله هذا تحذير المتشككين بقوله: ldquo;يؤسفنا أننا نواجه بحملات تشكيك ظالمة تقلل من شأن القوات الأمنية وإنجازاتها الكبيرةrdquo;. * كان بودي بكل الصدق أن تكون أقوال السيد المالكي صحيحة ودقيقة أو على أقل تقدير قريبة من الدقة، فلا أظن أن عربيًا صادقًا يتمنى أو يسعد لما يراه يحدث فوق أرض الرافدين. فمنذ بداية الاحتلال الأمريكي في عام 2003م ومدن وقرى وبوادي العراق لا تشهد سوى الدمار والتفجيرات والانفلات الامني والاستعلائية الأمريكية والفوضى السياسية. وهو حال لا يسر صديقًا ولا يرضي أي عربي صادق. * وكان بودي ورب الكعبة وفي هذا الشهر المبارك أن أبارك للسيد المالكي استقلالية العراق وإنجازاته الأمنية الكبيرة إلا أنني اصطدم بواقع يقول بغير ذلك كليةً والسيد المالكي أحد الفاعلين والمشاركين في هذا الواقع. فمنذ أشهر والعراق في فوضى سياسية وحالة عدم وضوح بسبب عدم تشكيل حكومة ترعى مصالحه وتدير شؤونه بكل اقتدار. * الانتخابات التي تباهى بها كثيرون داخل العراق وخارجه أفرزت حزبًا يحق له تشكيل الحكومة ولكن لأن لكرسي السلطة وبريقها وهجًا وأي وهج ولأن خفايا وخبايا دهاليز السياسة تستعصي على الفهم وتدور داخلها مناورات وتجاذبات لم يقبل السيد المالكي بالنتيجة وأصر على حقه هو في تشكيل الحكومة رغم أن حزبه لم يحصل على أغلب الاصوات. * هكذا وضع لا مستقر دفع قوى عدة من خارج العراق ومن داخله إلى التدخل والعبث بقضايا عدة تنفيذًا وحماية لمصالحها ومكتسباتها الذاتية بغض النظر عن العراق وأهله أو استقراره وسيادته وهو ما وضح في تصريح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بقوله ldquo;لا احتفال بالنصر لن نهنئ أنفسنا فما زال أمامنا الكثير لإنجازه هناك)rdquo; أي في العراق فوق أرضه. * العراق الذي اعتبره السيد المالكي ldquo;سيدًا مستقلًاrdquo; أبقت فوق ترابه الحكومة الأمريكية خمسين (50) ألف عسكري بحجة تدريب وتأهيل الكوادر العسكرية العراقية. كما أن وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس قال بكل وضوح يصف المشهد العام في العراق بعد سحب القوات الأمريكية الأخير ldquo;لا شيء على ما يرامrdquo;. * فكيف يمكن لأي عربي صادق وحريص على استقلال العراق وعودة السيادة الكاملة له وتحقيق قواته الأمنية إنجازات كبيرة بحق وحقيق أن يوافق أو يستوعب الواقع والتصاريح الأمريكية وادعاء رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي باستقلالية وسيادة العراق الكاملة؟! * السيادة الحقيقية هي أولًا في انسحاب آخر جندي أمريكي من فوق تراب العراق واستقلالية القرار الوطني العراقي من التدخلات الخارجية إقليمية كانت أم دولية إضافة إلى احترام الدستور والقانون واختيارات الشعب وتغليب المصلحة الوطنية العراقية على أي مكاسب شخصية وقتية. والكلام كما يقال ببلاش ولكن المهم الفعل وتحويله إلى واقع يلامس الحقيقة ويحقق السيادة الحقة شكلًا ومضمونًا.