ياسر الزعاترة

بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية laquo;USAIDraquo;، قامت فعاليات فلسطينية تنتمي إلى السلطة وحركة فتح بحملة إعلامية هدفها كما قالت إقناع الجمهور الإسرائيلي بجدوى السلام، وتضمنت الحملة نشر مقاطع فيديو يتحدث فيها عدد من الرموز إلى ذلك الجمهور باللغة الإنجليزية. وبحسب نضال الفقهاء مدير عام مبادرة جنيف، فقد تضمنت الحملة، وضع 280 لوحة إعلانات عادية وإلكترونية في شوارع المدن الرئيسة في الدولة العبرية، ونشر إعلانات في الصحف الإسرائيلية الثلاث laquo;يديعوت أحرنوتraquo;، وlaquo;هآرتسraquo;، وlaquo;إسرائيل اليومraquo;. والحال أننا إزاء حملة تثير السخرية لجهة أهدافها ومضامينها، ويكفي أن نطالع تسجيلات المتحدثين وما احتوته من خطاب حتى ندرك ذلك. ممّا قاله ياسر عبدر به في كلمته: laquo;شالوم.. سلام لكم جميعًا نحن شركاؤكم. يوجد فرصة لصنع السلام، فهل أنتم مستعدون لها؟raquo;، مضيفًا laquo;السلام لكم جميعًا. نحن الآن في بداية السلام. يوجد فرصة لصنع السلام، وإذا مر الوقت، وانعدم السلام فالخطر يتصاعد ويهدد كليناraquo;. (يمكنكم بالطبع أن تتوقعوا ماهية الخطر الذي يتهدد الطرفين بحسب اعتقاد المتحدث!!). أمّا صائب عريقات كبير المفاوضين، فقال laquo;أنا أؤمن بأن غالبية الإسرائيليين لا زالوا يؤمنون بحل الدولتين، كما يؤمن معظم الفلسطينيين بأننا نستطيع إحلال السلامraquo;. مضيفًا laquo;لا يوجد احتمالات سوى إقامة دولتين. نحن بحاجة لكم للاشتراك معًا، وأن تكونوا جميعًا شركاءنا. أنا شريككم فهل أنتم كذلك؟raquo;. جبريل الرجوب، عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح شارك في الزفة أيضًا بالقول laquo;أنا شريككم. توجد فرصة تاريخية لنا ولكم. توجد قيادة فلسطينية ملتزمة برئاسة أبو مازن، وسلام فياض تؤمن بحل الدولتين، وبإقامة السلام مقابل إنهاء الاحتلالraquo;. هل ثمة كلام يسيء إلى الشعب الفلسطيني أكثر من هذا؟ هل ثمة استجداء أكثر من هذا الاستجداء؟ هل خاض شعب معركته ضد الاحتلال باستجداء عدوه على هذا النحو الذليل؟ هل ثمة مَن يقتنع أن مثل هذه الأساليب يمكن أن تدفع الإسرائيليين إلى التنازل عن القدس، والقبول بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم؟! هنا تكمن خطورة القضية، والتي تدفعنا للكتابة عنها، فهذه العبارات المستجدية لم تنشر في أي مكان، بل نشرت في موقع مبادرة جنيف، وهي المبادرة التي يعرف القاصي والداني أنها تنازلت عن حق العودة، بينما صاغت ومعها الملحق الأمني المنشور على ذات الموقع شكل دويلة هزيلة مقطعة الأوصال، منزوعة السيادة، وبجزء من القدس الشرقية لا يغير في حقيقة السيادة الإسرائيلية عليها. ومَن شاء أن يطلع على تفاصيل المبادرة وملحقها الأمني (الكارثة)، فما عليه إلاّ أن يدخل على موقعها باللغة الإنجليزية ليقرأ النصوص، ويشاهد أسماء وصور السادة الأشاوس الذين شاركوا فيها، ونظراءهم من عتاة السلك الأمني والمخابراتي، ورموز ما كان يسمّى الإدارة المدنية في سلطة الاحتلال. ، هذه هي الطريقة المزعومة التي ستصنع السلام العادل والشامل، وهذه هي الطريقة في النضال، شطب المقاومة، واعتبارها وصفة دمار للشعب الفلسطيني، واعتبار أن انتفاضة الأقصى التي كانت أهم مرحلة نضال في التاريخ الفلسطيني قد دمّرت الشعب، لكأن الحفاظ على أوسلو ومخرجاته خسارة تستحق الرثاء. المصيبة أنك لا تُعدم مَن يدافع عن هذا كله، فيما يذهب آخرون يستحيون من الدفاع عنه إلى تبريره بطريقة غير مباشرة عبر تضخيم أخطاء حماس، مع أن ذلك لا يغني عنهم من الله شيئًا، حتى لو صح ما يقولون بحق الحركة، وهو غير صحيح في غالبيته الساحقة.