عدنان السيد
أكد الموفد الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط، السيناتور جورج ميتشل أن ldquo;السلام الشامل سيتجاوز المسافة من الأمل إلى الواقع . وكما قال الرئيس أوباما، إن السلام الشامل يتضمن السلام الفلسطيني وrdquo;الإسرائيليrdquo;، والسلام المتفق عليه بين سوريا وrdquo;إسرائيلrdquo;، وأيضاً بين لبنان وrdquo;إسرائيلrdquo;، فضلاً عن التطبيع الكامل للعلاقات بين ldquo;إسرائيلrdquo; وجيرانها، هذه الرؤية الكامنة في صلب مبادرة السلام العربية التي تم التوقيع عليها في بيروت خلال عام 2002rdquo; .
وأضاف ميتشل ldquo;نحن بالتأكيد على بيّنة من التحديات والعقبات، والصعوبات الكثيرة، ولكن مهما كانت المهمة شاقة وعسيرة، فإن البديل أسوأ بكثير، لذلك ليس لدينا خيار سوى العمل معاً كأصدقاء وحلفاء من أجل مستقبل لهذه المنطقة وشعوبها . هناك البعض الذي عقد العزم على العرقلة، ولكننا مصممون على العملrdquo; .
نستنتج من هذا التصريح ان الإدارة الأمريكية تريد طمأنة لبنان وسوريا إلى شمولية العملية السلمية، وأنها لن تقتصر على المسار الفلسطيني . هذا بالإضافة إلى ورود إشارة عابرة إلى مبادرة السلام العربية .
ثمة مجموعة أسئلة مطروحة حيال فرصة نجاح التسوية وتحتاج إلى تدخل أمريكي ضاغط إذا كان الهدف هو تطبيق قرارات الشرعية الدولية، واحترام المرجعيات القانونية، والعودة إلى رسائل التطمينات الأمريكية التي وصلت إلى دمشق وبيروت وعمّان ومنظمة التحرير الفلسطينية في خريف عام ،1991 أي قبيل انعقاد مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط .
من هذه الأسئلة: هل ستنفذ ldquo;إسرائيلrdquo; انسحاباً من الأراضي العربية المحتلة في حرب ،1967 كما دعا قرار مجلس الأمن الرقم ،242 والذي صار مرجعية التسوية في الشرق الأوسط؟
وهل سيتوقف مسار الاستيطان في الضفة الغربية كما طالب الجانب الفلسطيني مراراً وتكراراً، أم أن تهويد القدس سيستمر رغم كل المفاوضات الجارية؟
وماذا عن قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة إلى وطنهم وفق منطق القانون الدولي؟ أم أن سيف التوطين سيظل مرفوعاً في وجه الدول التي تستضيف الشتات الفلسطيني؟
يجيب السيناتور ميتشل بالمطالبة بالتطبيع الكامل مع ldquo;إسرائيلrdquo;، من دون التعهد الحاسم بالتزام مضمون مبادرة السلام العربية، التي تدعو إلى تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم ،194 الذي يدعو إلى عودة اللاجئين إلى وطنهم فلسطين . وثمة كلام قاله عن توطين اللاجئين في لبنان مفاده: ldquo;إن الولايات المتحدة تحترم سيادة لبنان ودوره في السلام الشامل، وهي لا ولن تدعم توطين اللاجئين الفلسطينيين فيهrdquo; .
إذا كان هذا هو الموقف الأمريكي الرسمي حيال التوطين في لبنان، لماذا لا يصدر قرار دولي عن مجلس الأمن يتضمن تعهداً صريحاً بعدم التوطين، طالما أن فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين توافق على هذا الموقف؟ الموقف الأمريكي هو الفيصل في هذا الموضوع الخطير، وهو الذي يحسم إذا ما أراد . إلى ذلك، لا نوافق على ما قاله السيناتور ميتشل إن القرار ،1701 الخاص بلبنان، دعا إلى وقف دائم لإطلاق النار بين لبنان وrdquo;إسرائيلrdquo; . لقد دعا إلى وقف العمليات الحربية فقط، ودعا في الفقرة السادسة منه إلى احترام سيادة لبنان وأمنه، فهل أعمال التجسس ldquo;الإسرائيليةrdquo; داخل المؤسسات اللبنانية تنسجم مع القرار المذكور؟
كان على السيناتور أن يتوقف عند الخرق ldquo;الإسرائيليrdquo; اليومي للسيادة اللبنانية، بل إن الطيران الحربي ldquo;الإسرائيليrdquo; كان يحلّق في سماء لبنان أثناء زيارته بيروت .
ما بين الجولة الأولى للمفاوضات الفلسطينية ldquo;الإسرائيليةrdquo; في واشنطن، والجولة الثانية في شرم الشيخ، صعوبات بادية للعيان تكشف عن ابتعاد حكومة نتنياهو عن أي فرصة للسلام . ما معنى عدم تجميد الاستيطان؟ وما الهدف من الضغط على السلطة الفلسطينية كي تتخذ إجراءات ضاغطة ضد حركة حماس وغيرها من الحركات المعترضة؟
هذه السياسة ldquo;الإسرائيليةrdquo; مستمرة منذ بداية التسوية، أو بداية التفاوض . إنها سياسة إضعاف المواقف العربية، بالعمل على تجزئتها، وتشجيع الخلافات بينها، واللعب على التناقضات الرسمية العربية التي لا تزال مستمرة منذ نشوء قضية فلسطين .
هل يرتقي العمل العربي المشترك إلى مستوى التحدي ldquo;الإسرائيليrdquo;؟ وهل ثمة إمكانية لبلورة سياسة عربية واحدة حيال تفاصيل العملية السلمية حتى لا تنعكس سلبياتها على الداخل العربي؟
التعليقات