جاسر الجاسر

بالمواجهات التي يشهدها اليمن لصد الهجوم المتنامي لعناصر القاعدة، والذي تتداخل معه العمليات والاضطرابات التي يقوم بها جماعة الحراك الجنوبي، إضافة إلى ابتزاز جماعة الحوثي التي لم توقف فتنتها مستغلةً إنشغال الحكومة في مواجهة إرهاب القاعدة وهجمات الانفصاليين، لتقوم هي الأخرى بتنفيذ أجندة لدولة طائفية تسعى لتحقيق اختراق مذهبي للجزيرة العربية عبر الحوثيين..!!

وهذا ما جعل اليمن يواجه تحديات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية داخلية، وجميعها أساس حالة عدم الاستقرار. وسوف يستمر اليمن بالانحدار ما لم تتم معالجة هذه التحديات التي ستكون لها عواقب كبيرة، بما في ذلك احتمال وقوع كارثة إنسانية تؤدي لأن تكون جهود الاستقرار التي يبذلها المجتمع الدولي مكلفة جداً.

وإذا ما استمر اليمن على درب عدم الاستقرار، فسوف يؤدي ذلك لنمو تهديد الإرهاب الدولي النابع من اليمن، كما يمتد تأثير انعدام الأمن إلى الدول المجاورة لليمن، بما في ذلك تأثيرات كبيرة على الاستقرار الاقتصادي في المنطقة ككل، من قبيل تأثيرها على خطوط الملاحة الدولية.

لمواجهة هذا الخطر الإنساني انطلقت عملية أصدقاء اليمن إدراكاً للحاجة إلى التواصل والدعم المنسق للعمل مع الحكومة اليمنية لكي يتمكن اليمن من معالجة التحديات التي يواجهها بفعالية.

وتتألف مجموعة أصدقاء اليمن من 28 دولة، إلى جانب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وتم تشكيل فريقي عمل دوليين خلال لقاء لندن الذي عُقد في شهر يناير (كانون الثاني) 2010م، (حيث انطلقت عملية أصدقاء اليمن): الفريق المعني بالاقتصاد والحوكمة، وتترأسه كل من ألمانيا والإمارات العربية المتحدة، والفريق المعني بالعدل وسيادة القانون، والذي تترأسه هولندا والأردن. وقد قدم فريقا العمل تحليلات فنية لمشكلات اليمن يجري استغلالها لتحديد خطوات إصلاح للعمل على تنفيذها.

وقد ناقش اجتماع أصدقاء اليمن في نيويورك أمس 24 سبتمبر (أيلول) تقارير فريقي العمل، واستعراض ما تم تحقيقه من تقدم، والاتفاق على إجراءات وخطوات محددة لتنفيذها لإحراز تقدم في هذه العملية، حيث كشف المجتمعون عن الأهداف التي يتوخون تحقيقها وهي:

- دعم جهود الإصلاح المستمرة، بما في ذلك تقديم دعم إضافي للحماية الاجتماعية للمساعدة في تخفيف أثر الإصلاح الاقتصادي وفق برنامج صندوق النقد الدولي.

- دعم عملية الحوار الوطني، وإعادة تأهيل وإعمار صعدة على الأجل الطويل.

- دعم جهود السلطات اليمنية في مكافحة الفساد وحماية حدود اليمن.

ولنا أن نتساءل.. هل حدث أي تقدم في اليمن منذ تشكيل مجموعة أصدقاء اليمن؟!!

نعم - فقد شهدنا خلال الشهور الستة الماضية اتخاذ الحكومة اليمنية لعدة خطوات ضمن جهودها الرامية لمعالجة التحديات التي يواجهها اليمن، من بين هذه الخطوات:

- موافقة الحكومة اليمنية على حزمة صارمة من الإصلاحات اقترحها صندوق النقد الدولي. وفي هذا تطور إيجابي، حيث إن ضعف الاقتصاد اليمني يعتبر أساس مجموعة من المشكلات الأكبر التي يواجهها اليمن. ومن شأن الإصلاح الاقتصادي الناجح أن يساهم مساهمة كبيرة في أن يصبح اليمن أكثر استقراراً.

- تخفيض دعم الوقود، الذي يستنزف الميزانية الحكومية إلى حد كبير، ثلاث مرات حتى الآن في العام الحالي.

- إحراز بعض التقدم في بدء الحوار الوطني استعداداً لإجراء الانتخابات عام 2011، وقد جرى توقيع اتفاق في شهر يوليو (تموز) ما بين الحزب الحاكم والحزب المعارض الرئيسي، والمحادثات بينهما تسير بشكل جيد.