سعد الدوسري

دعت المستشارةُ الألمانية أنغيلا ميركل الشعبَ الألماني إلى البدء بالتكيف مع المتغيرات البنيوية الحاصلة في المجتمع بفعل الهجرة و تزايد المهاجرين، مشيرةً بوضوح إلى أن المساجد ستصبح أكثر فأكثر جزءاً من الصورة العامة للبلاد. و في نفس الوقت، أوضحت ميركل أن على المهاجرين الذين لا يبذلون جهوداً كافية للاندماج، أن يتوقعوا التعامل معهم laquo; بحزم laquo;.

و قبل هذا التصريح بأقل من أسبوعين، كانت المستشارة الألمانية، قد كَرَّمتْ الرسامَ الدنماركي كورت فيسترغارد، الذي أثارت رسوماته المسيئة للنبي المصطفى محمد صلى الله عليه و سلم احتجاجات عنيفة في العالم الإسلامي قبل 5 أعوام، و ذلك تقديراً laquo; لالتزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي وشجاعته في الدفاع عن القيم الديمقراطيةraquo; ، و هي بذلك تمرر رسالة بأن laquo;حرية الصحافة كنز ثمينraquo;، كما قال ستيفن شيبرت المتحدث الرسمي لميركل.

إذاً، فالواقع الجديد لمشهد المساجد في ألمانيا، سيقابله حزم شديد مع المسلمين، كما سيقابله تكريم لمن يصوِّر هادي البشرية و رسول التحاب و التواد و التسامح، على أساس أنه إرهابي يضع المتفجرات في عمامته. و في كلا الحالتين، الأمر كله في صميم حق المستشارة، سواء في إدارة شؤون بلادها أو في اعتبارها المسيء شجاعاً و مدافعاً عن القيم. و من حقنا نحن كمسلمين، أن نقول لميركل و لغيرها، بأن الإسلام أكبر من المكان و أعظم من الأشخاص. إنه كالهواء و كالنور، يدخلان للحيز الجغرافي و الزمني، وفق مشيئة و نظام إلهيين، لا يعترفان لا بدولة و لا بمهاجرين. و لذلك، فإن غالبية المسلمين لا يعبأون بتشويهٍ مجحفٍ من قبل كاتب أو رسام، كما لا يعبأون بإجراءات تعسفية من قبل إدارة أو حكومة، فالهواء سيهبُّ لا محالة، و النور سيُشعُّ في آخر المطاف.