جاسر الجاسر

من يحكم العراق..؟ طهران أم واشنطن؟

هكذا يتساءل العراقيون، وامتد التساؤل إلى المحللين والباحثين السياسيين بعد أن فُضح أمر التدخل الذي يمارسه الإيرانيون، وما يقوم به الأمريكيون من تدخلات يعتبرونها جزءاً من دورهم كقوة احتلال تريد أن توفي بالتزاماتها وأن توصل العملية السياسية إلى برّ الأمان وفق الضوابط الديمقراطية التي تعدها إحدى أسباب خوض حرب احتلال العراق.

وقد زاد التدخل ومحاولة التأثير على إرادة العراقيين في مسألة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة؛ إذ وصلت التدخلات إلى حد اعتراض إيران على تنفيذ استحقاقات دستورية أفرزتها الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث أبلغت إيران الأحزاب الطائفية المرتبطة بها والمستعدة دائما لتنفيذ إملاءاتها أن ملالي طهران تضع خطاً أحمر على تكليف الدكتور إياد علاوي بتشكيل الحكومة الجديدة، وعندما أبلغ الدكتور علاوي من نقلوا له رفض الإيرانيين اختياره رئيساً للوزراء، استعداده للتنحي لأحد أعضاء قائمة العراقية التي فازت بالانتخابات البرلمانية ليشكل الحكومة الجديدة، امتد الاعتراض والرفض إلى كل القائمة العراقية لأن ملالي إيران يعتبرون هذه القائمة ممثلة للطائفة السنية، وأن قادتها ممثلون للتيار الوطني والعروبي الذين يعدونهم حكام طهران بأنهم سيشعلون حرباً جديدة مع إيران.

هؤلاء الحكام شنوا حرباً شعواء ضد علاوي والعراقية، وصاغوا حلقة محكمة مكونة من الأحزاب المرتبطة بها لقطع الطريق على العراقية لتشكيل الحكومة القادمة. فوجهت بتكوين تحالف طائفي أجبرت الأحزاب الشيعية (الدعوة، والمجلس الأعلى، والمؤتمر الوطني، والتيار الصدري، والفضيلة) على تكوين تحالف أطلقوا عليه مسمى الائتلاف الوطني الذي اتكأ عليه حكام طهران للضغط على ما يسمى بالمحكمة الدستورية ليفتوا باغتيال أهم مادة في دستور العراق الجديد.

واعتبروا التحالفات المكونة من القوائم الحزبية التي وصل ممثلوها للبرلمان بعد الانتخابات هي المؤهلة لتشكيل الحكومة، سالبة هذا الحق من الكتلة الفائزة بالانتخابات، ورغم هذا الكسر الفاضح للدستور إلا أن العملية السياسية في العراق أخذت به، وهو ما جعل حكام طهران يتمادون في غيهم وزادوا من تدخلاتهم إلى حد تفضيل مرشح من مكونهم السياسي والطائفي على باقي المرشحين الآخرين، وهذا ما أوجد فرصاً للابتزاز استغله قادة الأحزاب وقادة القوائم الحزبية، حيث ابتز الصدريون وفرضوا شروطاً منتزعين مكاسب شخصية لصالح التيار وعلى حساب المصالح الوطنية، وبعد أن كانوا يعترضون على نوري المالكي، ويناصرون عادل عبد المهدي، يتغير موقفهم فجأة ويساندون المالكي على المهدي. كل هذا والأمريكيون الذين يدعون laquo;حراسة الديمقراطيةraquo; وصيانة العملية السياسية يرقبون ما يجري مع ميل واضح كشف عنه رئيس الجمهورية جلال الطالباني لدعم مرشح ملالي طهران!!