سمير سعيد

التصريحات التي أطلقها الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية أحمد بن حلي، على هامش مؤتمر وزراء داخلية دول جوار العراق الذي انعقد في المنامة الأسبوع الماضي، حول كون خيار إرسال قوات عربية إلى العراق مطروحاً، وتأكيده على عقد القمة العربية المقبلة في بغداد، ربما تكشف عن ضغوط لتوريط العرب في الوضع المتدهور في البلد المحتل .

ذكر ابن حلي أن إرسال أي قوات عربية إلى العراق مرهون بشرطين هما ldquo;ألا تكون هذه القوات تحت القيادة الأمريكية أو التحالف، وأن تكون بطلب من العراقيين أنفسهمrdquo;، ولا ندري كيف ستوافق واشنطن على إرسال مثل هذه القوات على أن ترفع الوصاية عنها، رغم أنها هي من تضغط في اتجاه مثل هذه القوات، إلى جانب استجلاب قوات دولية لسد الفراغ الذي تركته قوات ldquo;التحالفrdquo; التي مازال ابن حلي يعتقد أنها موجودة إلى الآن في العراق .

لا شك أن القوات التي ستشارك في حالة إقدام العرب على هكذا خطوة ستكون قاصرة على دول معينة يجب أن تحظى بقبول أمريكي .

أما بخصوص النقطة المتعلقة بضرورة أن يكون ذلك بطلب من العراقيين، فمن البديهي أن أي حكومة في عهد الاحتلال لا تملك قوة اتخاذ قرارات في هذا الشأن، وبالتالي فإن القرار الأخير بيد القوة المحتلة، أي الولايات المتحدة .

ومن المثير للاستغراب قرار قمة سرت الخاص بترؤس العراق القمة العربية في ،2011 ومنح البلد المحتل حق استضافة القمة على أراضيه، والذي أكد ابن حلي التزام الجامعة به، وهو قرار غير موفق بالمرة، وربما جاء بعد ضغوط أيضا، حيث إنه يشرعن الاحتلال بشكل غير مباشر، ويقفز على حقيقة الوضع الأمني، إذ كيف يتم عقد قمة بهذا الحجم في بلد لا يستطيع رئيسه أو رئيس حكومته أو أي من المسؤولين فيه السير في شوارع عاصمته بأمان، بينما تدوي أصوات التفجيرات في كل مكان، ويتم استهداف البعثات الدبلوماسية .

وعندما نتحدث عن عقد قمة كهذه لابد أن نستحضر التفجيرات التي استهدفت مقر الأمم المتحدة، التي كان من بين ضحاياها ممثل المنظمة الدولية سرجيو دي ميللو، وقصف المنطقة الخضراء خلال زيارة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعيد توليه منصبه، حيث شاهد العالم كيف ضربت التفجيرات بالقرب من مقر المؤتمر الصحفي لكي مون، الذي انحنى فزعا من دوي التفجيرات .

وبناء على ما سبق فإن عقد القمة العربية في بلد محتل مازال يعاني تدهوراً على المستويات كافة، والتصريح بأن خيار إرسال قوات عربية إلى العراق قائم لا يصبان إلا في صالح الاحتلال وما نتج عنه من عملية سياسية، وذلك من دون النظر إلى مخاطر عقد القمة هناك، أو مصير القوات العربية التي ستكون هدفاً سهلاً للمليشيات والتنظيمات المسلحة، لنجد أنفسنا أمام أزمات جديدة وتبادل للاتهامات بين الأطراف العربية، وبين العرب والجوار، وبين الأطراف السياسية العراقية بعضها بعضاً، بينما يكون الفائز الوحيد في كل ذلك هو المحتل ذاته الذي أخرج نفسه ويستعد لتوريط الآخرين .