شريف عبدالغني
عزيزي هشام..
أنا سوزان تميم. أكتب إليك من العالم الآخر. كنت أود أن أحادثك شخصيا، أو أن أرسل لك laquo;ماسجraquo; على نقالك، أو laquo;إيميلraquo; على بريدك الإلكتروني، لكني وجدت أنه من الواجب أن تكون كلماتي على الملأ. فكرت أكثر من مرة أن أخط حروفي منذ بدء الأزمة، لكن شيئا ما كان يمنعني خشية أن يؤثر على سير القضية. أما وقد صدر الحكم فيها، فاسمح لي أن أخاطبك -ليس بالعامية اللبنانية التي كنت تحب سماعها مني- ولكن بـ laquo;اللغة العربية الفصحى.. استيقظ وركز واصحraquo; كما تقول الزميلة سيرين عبدالنور، والتي أتمنى ألا تزوغ عينك عليها، فيكفي ما جرى لك!
المهم أن مضمون خطابي المفاجئ سيفاجئك أكثر وأكثر.. إنني أريد أن أعتذر إليك، بل وأكفّر عن ذنبي نحوك علنياً أمام أمة لا إله إلا الله.
هشام.. سامحني.. سامحني.. أرجوك. لقد حوّلت حياتك إلى جحيم طوال 452 يوماً عندما صدر الحكم بإعدامك في جولة القضية الأولى، وحتى صدور الحكم الأخير أمس الأول الثلاثاء بحبسك 15 سنة. وقبلها ظللت أكثر من عامين من الترقب والانتظار منذ اكتشاف القضية في إمارة دبي. أعرف أنك كنت تعيش في سجن تجد فيه -كما ذكرت تقارير إعلامية- كل ما تطلبه من مأكل ومشرب من فنادق الخمس نجوم، وأدرك يقيناً أنك ستخرج بعد نصف المدة لحسن السير والسلوك، ومعروف أن سنة السجن بتسعة أشهر فقط، وأنت قضيت نحو الثلاثة أعوام حتى الآن، يعني هانت كلها كام شهر وكذا أسبوع وتطلع براءة، والتي قد تحصل عليها عند نقض الحكم. لكن من أكون أنا حتى بسببها تقضي يوما واحدا في السجن.
أنا مجرد امرأة عربية، يجب أن تقول سمعا وطاعة للرجل، تشعره بفحولته التي هي الفحولة الوحيدة في عالمنا العربي حتى لو كانت اصطناعية بالحبة الزرقاء. إذا كان هذا هو دورها مع الرجل العادي، فما بالك بالرجل laquo;السوبرraquo; مثلك. يجب أن تقدم فروض الولاء لنجم ساطع.. عضو بارز في أكبر الأحزاب الحاكمة لأكبر بلد في المنطقة، نائب بمجلس الشورى الذي يطلق عليه مجلس الحكماء والكفاءات، رجل أعمال من طراز رفيع، شركاته بالعشرات، ومشروعاته بالآلاف، وعماله بعشرات الآلاف، ومن يتمنون رضاه بالملايين.
يا الله، مطربة فيديو كليب مغمورة، نشأت في بيئة مفككة وكان كل همها الستر، بدلا من أن تبوس يديها laquo;وش وضهرraquo; على أنك التفتّ إليها لتساعدها في إنتاج أغنية مصورة أو ألبوم، فإنها تخون يد المساعدة، فلا عاشت ولا كانت من تناطح أسيادها.
سامحني.. لقد تمردت عليك ولم أصن النعمة التي غمرتني بها.. صرفت عليّ في الشهر الواحد 200 ألف دولار، كما ذكرت بنفسك في تحقيقات القضية بحسب صحيفة laquo;الشروقraquo; المصرية. صدقني إنني أشعر الآن كم كنت حمقاء، ولا أدري كيف خانني ذكائي وظننت أنني سأفلت من بين يديك الطويلة جدا من لندن إلى دبي. لم أقم بدوري كجارية في بلاط صاحب الجاه والسلطان، يتسلى بها وقتما يريد، ويلفظها عندما يشاء، يطلبها للترويح عن نفسه استجابة لنداء الرغبة، ويبعدها للدفاع عن سمعته إذا شمّت الزوجة رائحة هذه العلاقة.
عندك حق أن ترفع من أجلي أجر القاتل المحترف إلى 2 مليون دولار، غير المصروفات النثرية، وأؤيدك في الوصول برقم أتعاب المحامي الواحد إلى 5 ملايين دولار، فكل واحد يدفع ما يناسب مقامه وقامته، وأنت مقامك عالٍ وذهبك غالٍ.
عزيزي.. إنني لن أسامح نفسي أني تسببت في إبعادك عن مشروعاتك وraquo;بزنسكraquo;، طوال سنوات حبسك، لكن عزائي الوحيد أنك أرسيت في مجموعتك ما يشبه دولة المؤسسات، فالقافلة تسير والكلاب تعوي وفق منظومة ثابتة. وحقيقي أن مشروعاتك لا تضيف إلى الاقتصاد المصري، وصحيح أن مجموعتك حصلت على عقد مشروع laquo;مدينتيraquo; السكني بما يقل عن سعر الأرض الحقيقي بكثير، ويقال: إن هذه الصفقة أضاعت على الدولة المصرية 300 مليار جنيه، وأنك حصلت على 8 آلاف فدان في غمضة عين وبـ laquo;الأمر المباشرraquo;، في الوقت الذي يقام فيه مزاد علني على 200 متر يريدهم ذلك النوع من المواطنين العاديين، ويظل الواحد منهم حائرا سنوات طويلة حتى يحصل عليهم، لكن كل هذا يؤكد أنك إنسان مخلص وتسير وفق laquo;سيستمraquo; الحكومة التي أنت شريكها ونسيبها وحبيبها.
أعرف أن الألسنة تلوك في سيرتي منذ الكشف عن القضية، فمجتمعنا -كما ذكرت- لا يلتمس العذر للمرأة، فالسيد من حقه كل شيء، والجارية ليس من حقها الاعتراض، لكني في كل الأحوال أشكرك على المبلغ الذي سمعت أنك دفعته لوالدي حتى يتنازل عن اتهامه لك، وأيا كان المبلغ 750 مليونا laquo;سواء كانت بالدولار أو بالجنيه المصريraquo;، فأرجو أن يتوقف الإخوة الذي يعتزمون رفع قضايا لاستعادة هذا المبلغ باعتباره حقاً للشعب المصري كونك -حسب زعمهم- حصلت على الأراضي التي هي أملاك عامة بتراب الفلوس. ففي النهاية هي أموال عربية ذهبت إلى أيدٍ عربية وهكذا تكون الوحدة العربية، ثم أستعطف هؤلاء أن يتذكروا أن هذا المبلغ هو ثمن بيع دماء إنسانة لم ترتكب أذى لأي أحد باستثناء نفسها.
كما ألتمس من هواة ومحبي هشام السياسي، أن يتحملوا غيابه، وأنصحك يا عزيزي أن تطبع خطبك الجماهيرية وأفكارك النيرة على شرائط فيديو، والمؤكد أنها ستتفوق على ألبوماتي -التي لم يسمع عنها أحد- في التوزيع.
وفي النهاية، أحمد الله أن الحكم في القضية لم يُدنّي، لأني كنت أخشى أن يتكرر معي نفس السيناريو الذي تضمنه فيلم laquo;التقريرraquo; للمبدع الكبير دريد لحام، حينما خرج بعض الشبان أولاد الأكابر لمعاكسة إحدى الفتيات بسيارتهم، وأثناء مطاردتهم لها دهسوا في طريقهم طفلا بريئا فقتلوه، وبدلا من الحكم المحتوم عليهم بالإدانة، فقد صدر الحكم بإدانة الطفل الضحية بتهمة أنه كان laquo;عقبة في طريق الأبطالraquo; الذين تغير خط سيرهم بقدرة قادر من مطاردة فتاة إلى السفر إلى جنوب لبنان لمطاردة المحتل الإسرائيلي وقتها. وكم أنا سعيدة أن الحكم لم يوجه لي تهمة بناء مطبّ من دون ترخيص في الطريق الاقتصادي لتعطيل عجلة الاستثمار.
أخيراً هشام.. لن أختم مقالي بهذه اللغة الغريبة في الحوار بيني وبينك، بل سأقول لك laquo;بدي أشوفك بخير يا عيوني، وسلم لي كتير كتير على محسن السكري.. الله يعطيك ويعطيه العافية ويقدركم على فعل الخير.. ويحيا العدلraquo;!!
التوقيع: سوزان عبدالستار تميم
المسفوك دمها لخدمة التنمية والاستقرار.
التعليقات