عبدالعظيم حماد

عامة المصريين قبل خاصتهمrlm;,rlm; أعادوا اكتشاف وطنيتهم بعد الجريمة الإرهابية النكراء ضد كنيسة القديسين في الإسكندرية ليلة رأس السنةrlm;,rlm; وضد المصلين فيهاrlm;,rlm; وقد اتفقوا جميعا علي أننا اقتربنا من حافة الهاويةrlm;.rlm;

ولم يكن الاجماع العفويrlm;.rlm; عليأن مرتكب أو هذه الجريمة لايمكن أن يكون مصرياrlm;,rlm; مؤسسا علي تحليل واع لمعلومات متاحةrlm;,rlm; ولكنه كان تعبيرا تلقائيا عن الإيمان بأن ما حدث وبالطريقة التي حدث بها هو تطور دخيل علي الشخصية الوطنية المصريةrlm;,rlm; وعلي أعراف المجتمع المصريrlm;,rlm; علي الرغم من وجود أسباب ومظاهر للتوتر الطائفي بين الحين والآخرrlm;,rlm; أما حسرة المواطن العادي علي الأيام الخوالي التي لم يكن فيها أحد من المصريين يشغل نفسه بما اذا كان جاره أو صديقه أو زبونه أو شريكه أو زميله مسلما أو مسيحياrlm;,rlm; فهي التعبير الأصدق إنباء من كل الكتب والتعليقات عن المثل الأعلي الطبيعي لمصر كما يجب أن تكونrlm;..rlm; وكما يؤمن بها أبناؤهاrlm;,rlm; وكما عهدوها من قبلrlm;.rlm;
إذن ليس مصريا من يريد فرض الطائفية عليهاrlm;,rlm; ولكن السؤال يبقي واردا بل وملحاrlm;:rlm; من يريد فرض الطائفية علي مصر؟
ليس في أيدينا معلومات موثقةrlm;,rlm; ولكن أمامنا قرائنrlm;,rlm; وقبل التطرق إليها نود القول بوضوح قاطعrlm;,rlm; أن أقباط مصر أفرادا وجماعة فوق أية شبهات بهذا المعني الآن وفي الماضيrlm;,rlm; ولنتذكر معا أنه طوال التاريخ لم يتهم قبطي واحد في قضية جاسوسيةrlm;,rlm; وأن الأرشيف الصحفي عندما تضمن مسيحيا متهما بالجاسوسية لم يكن قبطياrlm;,rlm; ولكن كان من طائفة غير مصرية الاصلrlm;,rlm; كما أن الأقباط أنفسهم هم الذين رفضوا مبدأ التمثيل النسبي في دستورrlm;3291,rlm; مثلما رفضوا من قبل حماية قيصر روسياrlm;,rlm; وحماية لورد كرومرrlm;,rlm; وأن قبطيا مصريا تطوع لاغتيال رئيس الوزراء القبطي المرشحrlm;(rlm; يوسف وهبة باشاrlm;)rlm; عندما خرج علي إجماع الأمة وقبل رئاسة الحكومةrlm;,rlm; بينما كان سعد زغلول ورفاقه في المنفيrlm;,rlm; ونحن هنا لا نمتدح الاغتيال السياسيrlm;,rlm; ولكننا نمتدح الروح الوطنية التي دفعت عريان يوسف لإحباط مسعي السراي والاحتلال لكسر إجماع الأمةrlm;,rlm; باغتيال يوسف وهبة باشاrlm;,rlm; حتي لا يفعلها مسلم فيتجدد الاتهام الذي شاع بعد اغتيال بطرس غالي باشاrlm;(rlm; الجدrlm;)rlm; قبلها بعدة سنواتrlm;,rlm; والذي كان يعزو حادث غالي باشا الي التعصب الإسلامي ضد الأقباطrlm;,rlm; وبمناسبة الحديث عن اغتيال بطرس باشا غالي بتهمة ممالأة الاحتلالrlm;,rlm; يجب ألا ننسي هنا أن كثيرا من الساسة المسلمين في ذلك العصر اتهموا بممالأة الاحتلال من أول محمد سلطان باشا في أثناء الثورة العرابيةrlm;,rlm; حتي أمين عثمان باشا وزير مالية الوفد الذي أغتيل لهذا السبب نفسه عامrlm;.6491rlm; علي أيدي مسلمين
إذن يظل السؤال قائماrlm;:rlm; من يريد فرض الطائفية السياسية علي مصر؟
إذا أخذنا بنظرية وجود مخطط شرير للتطهير الديني ضد المسيحيين في الشرق الأوسطrlm;,rlm; وآخر من تحدث عنها بهذا الوضوح هو الرئيس الفرنسي ساركوزيrlm;,rlm; فإن هناك من يدير ويمول تنفيذ هذا المخططrlm;,rlm; ومع ذلك فإذا افترضنا البراءة في نيات ساركوزيrlm;,rlm; فإن هذا المخطط لا يرمي الي تصفية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط بقدر ما يرمي الي فرض التقسيمات الطائفية والمذهبية علي الدول العربيةrlm;,rlm; دون استثناء لمصرrlm;,rlm; ومن المؤكد أن الذي يريدrlm;,rlm; ويمولrlm;,rlm; ويخطط ليس من داخل هذه الدولrlm;,rlm; إلا كطابور خامسrlm;,rlm; وإلا كعناصر منفذةrlm;,rlm; أما العقل القائد أو الـrlm;mastermindrlm; فهو بالقطع من خارج المنطقةrlm;,rlm; وهو يستغل أسبابا داخلية لاشك في وجودها لتمرير وإنجاح هذا المخططrlm;.rlm;
ولا يحتاج اكتشاف أن هذا العقل القائد في الخارج إليكثيرمن الجهودrlm;,rlm; فمنذ سبعينيات القرن الماضي بدأت مراكز أبحاث بعينها ومفكرون استراتيجيون بعينهم يتحدثون بصوت عال عن حاجة غربية ملحة لاحياء الهويات الطائفية والمذهبية في دول الشرق الأوسط العربيةrlm;,rlm; باعتبارها النقيض الموضوعي والطبيعي لأيديولوجية التكامل القومي العربيrlm;,rlm; واكتسب هذا الفكر زخما هائلا بعد هجماتrlm;11rlm; سبتمبر الارهابية علي نيويورك وواشنطنrlm;,rlm; ومع تبني إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوشrlm;(rlm; الابنrlm;)rlm; رؤية المحافظين الجدد الاستراتيجية الذين قال بعضهم صراحة إن غزو العراق هو البدايةrlm;,rlm; ثم تليها السعوديةrlm;,rlm; لكن الجائزة الكبري هي مصرrlm;.rlm;
مرة أخري نقول إن ذلك لا يعني إنكار وجود أسباب وذرائع وعوامل فشل داخلية في كل دولة علي حدة تهيئ الفرصة لاستغلالها لمصلحة ذلك المخطط الشرير بالمعني الذي نتحدث عنهrlm;,rlm; وليس بالمعني الذي تحدث عنه الرئيس الفرنسيrlm;.rlm;
واذا كنا نجزم أن مآل مخطط من هذا النوع هو الفشل في مصر بسبب ما رصدناه في السطور الأولي من هذا المقال من اعادة اكتشاف عامة المصريين وخاصتهم لأصول وطنيتهمrlm;,rlm; فإن ذلك لا ينفي أنه حقق نجاحات تدعو الي الاحساس بأقصي درجات الخطرrlm;,rlm; ففي مصر احتقان طائفيrlm;,rlm; وفي السودان تقسيمrlm;,rlm; وفي العراق طائفيةrlm;,rlm; والجزائر دخلت حربا أهلية لم تتعاف منهاrlm;,rlm; واليمن علي وشك أن تنزلق الي حروب طائفيةrlm;,rlm; أما لبنان فإن صيغة التعايش مهددة في كل لحظةrlm;,rlm; وليست تلك فحسب هي نجاحات مخطط فرض الطائفية في الشرق الأوسطrlm;,rlm; ولكن ما لا يقل أهمية ذلك هو النجاح في إدراجها علي جدول أعمال القوي الكبريrlm;,rlm; والمنظمت الدولية بداية من الفاتيكانrlm;,rlm; وقد كان ساركوزي وهو يتحدث عن مخطط شرير لتطهير الشرق الأوسط من المسيحيين يعكس هذه الحقيقةrlm;,rlm; التي بلغت ذروتها في إدخالها الي جدول أعمال مجلس الأمن بالبيان الرئاسي للمجلس حول جريمة كنيسة سيدة النجاة في العراق في نوفمبر الماضيrlm;,rlm; ثم ها هي وزيرة خارجية فرنسا ورئيس وزراء ايطاليا يطلبان رسميا إدراج قضية مسيحيي الشرق الأوسط علي جدول أعمال الاتحاد الأوروبيrlm;,rlm; ولنتذكر أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحدث في خطابه الشهير بجامعة القاهرة في شهر يونيو من العام الماضيrlm;,rlm; عن المسألة القبطية في مصر بموازاة المسألة المارونية والمسيحية عموما في لبنانrlm;,rlm; وهو الحديث الذي لم يلتفت إليه كثيرون في غمرة الابتهاج بلغة الاحترام التي تحدث بها أوباماrlm;(rlm; عندما كان في أوج بريقهrlm;)rlm; عن الإسلام والمسلمينrlm;.rlm;
أخيرا ليكن واضحا أننا لا نتهم ساركوزي أو وزير خارجيتهrlm;,rlm; ولا نتهم بابا الفاتيكان ولا رئيس الوزراء الايطاليrlm;,rlm; كما لا نتهم الرئيس الأمريكي بأشخاصهم بتبني مخطط فرض الطائفية علي الشرق الأوسط ومصر أو الضلوع فيهاrlm;,rlm; وكل ما نريد قوله هو أن أخطاء الداخلrlm;,rlm; والقوي المعنية بالتقسيم الطائفي للشرق الأوسط في الخارجrlm;,rlm; نجحت في دفع القضية الي مكان بارز بين قضايا السياسة الدوليةrlm;,rlm; ولكن يبقي الحل دائما في الداخلrlm;.rlm;