سامي حسن


سواء توقفت الاحتجاجات التونسية أم لا، فالرسائل التي بعثت بها وصلت، وأهمها:

1-إن الحديث عن سلبية الجماهير العربية ومواتها، فيه كثير من المبالغة، بل إنه بات مجافياً للحقيقة، بعد ما شهدته المنطقة العربية من تحركات شعبية، سواء في تونس أو غيرها.

2-إذا كان البعض، وربما محقاً في ذلك، قد رأى في تحرك الجماهير العربية من أجل القضايا القومية (فلسطين، العراق...) مؤشراً غير كاف للحكم على إيجابية هذه الجماهير وحيويتها، فالتحركات الأخيرة التي جاءت بدوافع داخلية، اجتماعية واقتصادية وسياسية، يجب أن تغير الرأي السلبي لذلك البعض.

3- تؤكد تحركات الشعب التونسي على أن القمع غير قادر على الاستمرار في أداء دوره إلى الأبد، فالضغط يولد الانفجار، كما أن الأوضاع الاقتصادية ما زالت تتصدر سلم أولويات الشعوب العربية.

4- تقول احتجاجات التوانسة عكس ما ذهب إليه البعض، من أن إقدام بعض الشبان على إحراق أنفسهم دليل على انسداد آفاق التغيير، وأنه لم يعد من حل إلا الانتحار؟! فالانتحار التونسي، وهو خيار فردي، جرى على مرأى من العالم، ولذلك دلالاته، فضلاً عن أنه كان شرارة الاحتجاجات.

5- أن الأنظمة الاستبدادية لا تفهم إلا لغة واحدة هي لغة الشارع. وإذا كانت الاحتجاجات قد أجبرت النظام في تونس على إطلاق الوعود وإعلان نيته القيام بسلسلة من الإجراءات لحل مشاكل الشباب، فذلك النظام لم يشذ عن غيره من الأنظمة العربية، بلجوئه للقمع.

6- تشير التحركات التي لم ترفع أياً من الشعارات الدينية المعروفة، إلى خطأ ما يقال حول هيمنة الخطاب الديني في عموم المنطقة. ومن المهم التذكير بأن موقف التيارات الإسلامية من التحركات المطلبية براغماتي، ولعلنا نذكر موقف الإخوان المسلمين بعدم دعم تحركات عمال حلوان في مصر.

7- وجود فجوة كبيرة بين الشعوب العربية وقواها السياسية. لكن، إنصافاً، لا بد من الإشارة بإيجابية إلى جرأة بعض الــقوى وسرعة انحيازها للحركة الاحتجاجية، والدعوة إلى استمرارها بالوسائل السلمية والتحذير من محاولات جرها للعنف.

أخيراً، فنقل أحداث تونس عبر شاشات الفضائيات ومواقع الإنترنت، يؤكد مرة أخرى على الدور التاريخي الذي تلعبه ثورة الاتصالات والمعلومات في خدمة الشعوب وقضاياها. لقد ولى إلى غير رجعة زمن التعتيم الإعلامي وحجب الحقائق وتشويهها.