مطلق سعود المطيري

مثل أي مواطن عربي كنت أتابع الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي وهو في طائرته تتجه إلى مالطا مرة وإلى فرنسا مرة، وكنت أترقب في أي أرض سوف تحط، بصراحة لم يدر بخلدي أن تحط بأرض المملكة، على الرغم أني كمواطن سعودي استوعب موقف المملكة الذي تمليه عليها مكانتها، فهي دائما تفتح صدرها للقريب والبعيد، ومن كل أطراف الدنيا حين يتوجهون الى المناسك المقدسة لأداء الفريضة، وتقدم لهم كل أشكال الدعم والمساندة.. وهي في كثير من المواقف الإنسانية لا ترد يد طالب أمان التجأ إليها بغض النظر عن جنسيته أو انتمائه، هو بالنسبة إليها إنسان وهي نزاعة لكل ما هو انساني.

استقبال المملكة للرئيس بن علي لا يعني أنها تنتصر له ضد شعبه، ولا يعني أنها تتخذ موقفا مساندا له، وفي البيان الرسمي للديوان الملكي تعبير واضح عن الرأي الرسمي والشعبي لموقف المملكة من هذه القضية تعبير ينطق بصراحة جلية تعكس قيمنا التاريخية العربية والاسلامية، قيم ثابتة لا يتجاوزها إلا إنسان فرغت نفسه من مضمون هذه القيم وقدم حسابات المصالح السياسية على القيم الانسانية والتاريخية، ولعل المقام هنا لا يحتاج إلى أن نقدم استشهادات وهي كثيرة على استقبال المملكة لزعماء أخرجتهم ظروف أوطانهم الاستثنائية من بلدانهم وبدون سلطة ولا حرس ولا حتى حقيبة ملابس رؤساء منكوبين خالين من الصلاحيات والمصالح يطلبون السلامة لأنفسهم وأهليهم، فتاريخ الشعب السعودي يضمن لهم السلامة والأمان وهذا مبدأ أساسي راسخ في روح الفرد السعودي كمبدأ أصيل في تاريخه ويعرفه جيدا ويعمل به من قبل أن تقره كحق التشريعات الدولية وتبرره لكل طالب لجوء خارج بلاده، وما على المشكك الى الرجوع لتاريخ المؤسس ليتعرف على أسماء الزعماء الذين طالتهم يد النجدة والإغاثة والأمان السعودية.

في ظروف كهذه لا يكون ضمن الوارد أن تحترز المملكة أو تتردد إزاء ما قد يجتهد به المفسرون الذين يفقدون الدليل، ومنظرون يفتقدون الحجة... ولا تحسب حسابا لفعل أو ردة فعل إيمانا بأنها واثقة من صورة راسخة لا تهزها العوارض.

الشعب التونسي الشقيق تحرك نحو مصيره بإرادته وهذا السلوك الشعبي محل تقدير واحترام من المملكة التي تتطلع بأمنيات صادقة أن يسود الأمن والاستقرار في ذاك البلد الشقيق وألا تحرق نار الغضب أبناء الشعب التونسي ويقضي العنف على مقدرات حياته، والمملكة بهذا الاتجاه داعمة ومساندة.