علي حماده

وضع وزير الخارجية السعودي النقاط على الحروف بقوله إن بلاده رفعت يدها عن المسعى المشترك مع سوريا لحل الازمة حول المحكمة الدولية في لبنان. ولعل في المواجهة التي حصلت بين وزيري خارجية السعودية ومصر من جهة وفيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري من جهة اخرى في شأن لبنان ما يشير الى ان السعودية ممتعضة من سوريا. وثمة معلومات متداولة في الوسط الديبلوماسي العربي تروي أن السعودية تعرضت مرة جديدة لخديعة سورية، إذ ان الرئيس بشار الاسد لم يفِ بالتزاماته لجهة التعامل الايجابي مع المسعى السعودي الذي قام على قاعدة quot;مقايضة تنازلات شخصية يقدمها سعد الحريري في قضية اغتيال والده مع مكاسب تقدم الى مشروع الدولة في لبنان من طرفي المعادلة المقابلة quot;حزب اللهquot; وسورياquot;. ويشكل موقف الامير سعود الفيصل اتهاماً صريحاً ومباشراً للرئيس السوري بشار الاسد، الذي عادت الشكوى منه في الاوساط الاقليمية والدولية على انه لا يفي بالتزاماته، مما يعيده شيئا فشيئا الى المربع الذي كان يقف عنده عشية اتخاذ قرار التمديد الذي فتح الباب امام القرار 1559. ومن الطبيعي ان يكون غياب السعودية عن القمة الثلاثية التركية - القطرية - السورية في دمشق مؤشرا كبيرا الى ان العلاقات بين الرياض ودمشق تعاني وضعاً حرجاً جداً، وخصوصا ان عواصم المنطقة ترى ان الرئيس الاسد يقف خلف اسقاط الحكومة جنبا الى جنب مع الايرانيين، وان التلويح بالانقلاب على الارض بتنفيذ quot;بروفةquot; صباح يوم الثلثاء الفائت ما كان ليحصل من دون ضلوع دمشق في القرار!
اذاً نحن امام ازمة في العلاقات السعودية ndash; السورية تضاف الى الازمة اللبنانية المستفحلة، والتي تكاد تصل الى الشارع. وقد بدأت معالم المشكلة بين الرياض ودمشق تتكشف لتبرز مجدداً ازمة ثقة بين العاصمتين. وكان سعد الحريري في كلام له قبل ايام من اسقاط حكومته قد اطلق اشارات حول المشكلة باتهامه quot;الفريق الآخرquot; بعدم الوفاء بالتزاماته. وقد عنى بالفريق الآخر كلا من quot;حزب اللهquot; ومن وراءه، وسوريا بشار الاسد.
و تجدر الاشارة الى ان ازمة الثقة مع الحكم السوري تعزز الشكوك في النيات التي يبيّتها الاخير من خلال سلوكيات تذكّر بمرحلة ماضية، فتقوّي حجة القائلين بأن الحكم السوري ما غادره مرة حلم العودة الى لبنان بوصاية تعيد الامور الى مرحلة ما قبل 14 شباط 2005. ولكن الظروف الراهنة مختلفة تمام الاختلاف، مع غياب أي تفويض دولي او عربي او حتى اقليمي لسوريا، بما هو اكثر من الاهتمام بمصالحها المشروعة والمنطقية في لبنان.
لكن الخشية تبقى ان الثنائي سوريا ndash; quot;حزب اللهquot; يعمل اليوم بطاقة مضاعفة من اجل فرض واقع جديد على الارض يمكنهما من الانطلاق منه في اي مفاوضات جديدة مع المحيط الاقلميي او الوعاء الدولي. وعلى الرغم من كل الضجيج المفتعل حول المشروع الاسرائيلي، وخصوصاً عندما تتم quot;اسرلةquot; المحكمة، تبقى حقيقة مُرة راسخة في اذهان مراقبين مطلعين كثر في المنطقة، مفادها ان اولى الجهات المتضررة من خروج سوريا من لبنان وتنفيذ الشق المتعلق بها في القرار 1559 هو اسرائيل نفسها التي وقفت مع اللوبي الداعم لها في واشنطن في وجه ادارة الرئيس السابق جورج دبليو بوش لثنيه عن المضي في اقرار القرار 1559 لأنها اعتبرت انه يمس امنها !
المفارقة الكبرى اليوم هي القول ان دمشق وسيط نزيه في قضية تخصها، من زاوية انها كانت ولا تزال راسخة في يقين معظم اللبنانيين كطرف مسؤول عن تلك المرحلة السوداء، وهذا بالتحديد ما لم ينجح الرئيس بشار الاسد واعوانه في تغييره بعد انطلاق ما سمى مرحلة الانفتاح والمصالحة بين لبنان الاستقلال والحكم السوري بمسعى سعودي ndash; فرنسي!
فهل تغيّر شيء في دمشق؟