الرياض - ناصر الحقباني

دخل فرع تنظيم laquo;القاعدةraquo; في اليمن في مرحلة تأزم على مستوى الرأي العام، لجهة خلافه laquo;المفتعلraquo; مع جماعة الحوثيين المتحالف معهم في المنطقة حيث يلقى الدعم اللوجيستي بواسطة استخبارات دولة إقليمية، من أجل ضرب مصالح سعودية، وذلك في محاولة من laquo;التنظيمraquo; و laquo;الجماعةraquo; لاستقطاب أكبر عدد ممكن من الشباب السعودي.

وكان laquo;التنظيمraquo; تبنى لهذا الغرض عمليتين استهدفتا موكبين مستقلين لجماعة الحوثيين، نتج عن أحدهما مقتل الأب الروحي للحوثييــــن بدر الديـــن الحوثي. وأكـــد أكاديمي سعودي لـ laquo;الحياةraquo;: laquo;أن هـــذه مجــــرد محاولات لتشتيت الرأي العــــام، وكسب موقـــف لمصلحــــة التنظيــــم، لإبــــلاغ أطراف أخرى بعيدة، بهدف دعم ورفد التنظيم بالشباب السعوديينraquo;.

وأوضحت مصادر مطلعة لـlaquo;الحياةraquo;، أن نائب تنظيم laquo;القاعدةraquo; في اليمن سعيد الشهري كان يتعامل مع استخبارات دولة إقليمية من أجل تسهيل دخول ثلاثة أرباع الشبان إلى أفغانستان، ويتلقى المال حالياً من أجل ضرب أهداف محددة في السعودية، وكان يفسر هذا التعاون على أنه laquo;من باب المصلحةraquo;.

وقالت المصادر إن الشهري على علم بأن استخبارات هذه الدولة هي التي تقوده وتدفع له المال من أجل الإخلال بالأمن الداخلي للمملكة.

وكان الشهري وعد مقربين منه بالالتفات إلى تلك الجماعات لضربهم (يقصد الحوثيين وجماعات مرتبطة بدولة إقليمية). وأشارت المصادر إلى أن قيادات فرع التنظيم في اليمن، يغضبون من أي عنصر في التنظيم يخالف شروط جماعة الحوثيين، بسبب أن الحوثيين ساعدوا التنظيم مادياً في مرحلة التأسيس حين كان يعاني من قلة التمويل، وكانت عناصر من جماعة الحوثي تجوب مناطق تمركز عناصر التنظيم وهم يرتدون الزي الشعبي (العمامة والخنجر)، ويدفعون لهم.

ولفتت المصادر إلى أن عدداً من الموقوفين السعوديين لانضمامهم الى خلايا إرهابية في السعودية، كانوا متوجهين الى اليمن للانضمام الى عناصر الفئة الضالة تحت قيادة اليمني ناصر الوحيشي ونائبه السعودي سعيد الشهري، وكانوا مقتنعين بأن التنظيم ليس مرتبطاً بأية أطراف طائفية أو استخباراتية.

وأوضح المختص في قضايا الجريمة والإرهاب الدكتور يوسف الرميح لـ laquo;الحياةraquo; أنه لا يشك في أن الجماعات الإرهابية في الجزيرة العربية والمنضوية تحت اسم laquo;القاعدةraquo; تظهر كرهها وحقدها لجماعة الحوثيين والدولة الإقليمية التي تدعمهم لاختلاف المذهب والمنهج، مشيراً إلى أنه يجزم بوجود تقاطع مصالح بين التنظيم والحوثيين، خصوصاً أن لكل منهما عداء مع عدد من بلدان المنطقة. وقال الرميح: laquo;ان laquo;القاعدةraquo; لا مبدأ له بتاتاً، فهم يبحثون عن مصالحهم عن أي طريق، وأي طرف كان، خصوصاً أننا نعرف الاختلاف والتناقض الفكري والعقائدي بين laquo;القاعدةraquo; و laquo;الحوثيينraquo;، لكنهما يجتمعان على مصالح وعداءات مشتركةraquo;.

فيما أشار الباحث في شؤون الإرهاب في اليمن سعيد عبيد لـ laquo;الحياةraquo; إلى أن للتنظيم حسابات خاصة، وهي تخضع لتقديرات قادته، خصوصاً بعد تصريحات التائب محمد العوفي التي جعلت مواقف التنظيم مرتبكة ومتناقضة، ولعل التنظيم أراد من خلال ذلك أن يُكذب ما قيل من خلال عملية ميدانية، ربما تكون هي القشة التي ستقصم ظهر البعير، لا سيما أن التنظيم زعم عداءه لجماعة الحوثيين في الكثير من إصداراته الإعلامية.

وذكر الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية الدكتور علي الخشيبان لـ laquo;الحياةraquo; أن فرع تنظيم laquo;القاعدةraquo; في اليمن، فقد التوازن في كيفية تعامله مع الواقع اليمني وفهم تكويناته الطائفية والعرقية والقبلية التي تتشكل وفق مصالح مجتمعية، وهو أكبر من أن ينجر خلف أهداف مجموعة من أعضاء التنظيم، ولذلك بدأ يدخل في طريق الاختلاف مع الحلفاء.

واستبعـــد الرميح أن يكون فرع laquo;القاعدةraquo; في اليمـــن استغنى عن خدمات جماعة الحوثييـــن، وقال: laquo;التنظيم يكذب ويخادع من أجـــل مصالح أخرى. من أجل إبعاد الشبهة عنه، وأجزم أن هناك تقاطع مصالح بين الجماعات الإرهابية والحوثيين، مع وجود عدد كبير من نقاط التضاد والتناقض، وعــــدد محـــدود جداً من نقاط الالتقاءraquo;، فيمــــا لفت عبـــيد إلى أن ما يجــــرى لا يعني أن التنظيم بات قوياً، ولا يدل على استغناء التنظيم عن الدعم الحوثي، وإنما هي محطة جديدة من التأزم وانكشاف الأوراق بين laquo;القاعدةraquo; و laquo;الحوثيينraquo;، فالتنظيم ذو مزاج إرهابي متقلب، لا يقل عما لدى الحوثيين من دهاء وغموض. وأكد الخشيبان أن التنظيم يعاني من ارتباك وأزمة داخلية تتمثل في كيفية التعامل مع حليف قديم، خصوصاً في صوغ بيانه الـ22 الذي تبنى عملية استهداف موكبين للحوثيين، ويدفع نحو فرض استقلاليته الشاملة عن حلفائه الحوثيين فوق الأراضي اليمنية، وذلك بفعل عملية الإرباك التي تدور داخله، وقد تكون هذه العملية مخططة من أجهزة استخباراتية مختلفة، اخترقت التنظيم الذي بدأ يفقد قيمه وقيم تنظيم laquo;القاعدةraquo; الأساسي ويتجه الى التفكك والمواجهة كما يبدو مع القوى الديموغرافية (التكوينات المجتمعية بما تشمله من قبائل وطوائف) اليمنية والحكومية.

وأضاف: laquo;المطلع على البيان يلاحظ مجموعة من الأمور، منها عدم الإثبات في شكل قاطع أن التنظيم لم يتبنَّ العملية وقتل بدر الدين الحوثي، وصوغ البيان عملية تشكيك في الكيفية التي مات بها بدر الدين الحوثي، وليس إثباتاً قاطعاً بالدلائل والبراهين، والدليل أيضاً أن بيان الحوثيين حول كيفية وفاة بدر الدين الحوثي وجدت طريقها إلى الإعلام في شكل طبيعي غير قابل للتشكيكraquo;.

أما الرميح فذكر أن أن تبني laquo;القاعدةraquo; في اليمن للعملية ونفي المكتب الإعلامي للحوثيين، يدل الى محاولات لتشتيت الرأي العام وافتعال أزمات مختلفة ومحاولة زعزعة الجبهة الداخلية للقوى المحاربة للتنظيم للاستفادة من هذا التشتت والانقسام بين laquo;القاعدةraquo; والحوثيين. وأضاف: laquo;ربما أن أحد الداعمين للتنظيم، لا يرغب في التعاون مع الحوثيين، فصدور هذا البلاغ لإرضاء أطراف أخرى ولإثبات أن العلاقة انتهت، وهي ليست كذلكraquo;.

وعن تمكن laquo;القاعدةraquo; من تنفيذ أهدافه في المملكة من جهة، ومواجهة الحوثيين من جهة أخرى، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية: laquo;لن يتمكن التنظيم من تنفيذ عمليات إرهابية مباشرة في المملكة، مع ضرورة الانتباه الى أن الجماعات المسلحة يمكن تسميتها soft operational مثل عملية التسميم عبر العطور والهدايا، خصوصاً بعد تحولها إلى عملة في يد عمليات استخباراتية موجهةraquo;.

وأضـــاف: laquo;هذا وقت مناسب من المجتمع الدولي والمحيط لدعم اتجاهات الحوثيين بطرق مختلفة ضد تنظيم laquo;القاعدةraquo; في اليمن، الذي سيوفر الكثير من الجهد ويهدف إلى تقليل اعتماد الحوثيين على مصادر الدعم الخارجي لمنظمتهم، أما القاعدة فيبدو أنه سيكشف الكثير من عمليات الارتباك خلال المرحلة المقبلة، لأن الأراضي اليمنية بدأت بالتخلص من كل تنظيم يصعب تكييفه داخل الجسد اليمنيraquo;. وحذر المختص في الجريمة والإرهاب من عدم الانخداع للفرقعات الإعلامية لـ laquo;القاعدةraquo; الذي يمتلك قوة في إدارته الإعلامية والإلكترونية، ويحاول من خلال ذلك التجنيد والتمويل، خصوصاً أن العلاقة بينهما علاقة مصالح وتوازن قوى.

وكان القائد الميداني في التنظيم (سابقاً) التائب محمد عتيق العوفي، قال في وقت سابق لـ laquo;الحياةraquo;: laquo;إن رجال التنظيم يجتمعون مع عناصر الاستخبارات ضوئية لخبر نشر في laquo;amp;raquo; يؤكد فيه التائب العوفي أن أعضاء التنظيم يجتمعون مع الحوثيين في اليمن. الإيرانية ومع الشيعة الرافضة، وتحدثت مع نائب التنظيم السعودي سعيد الشهري حول هذه المسألة، فذكر لي أننا ننظر إلى المصلحةraquo;. وذكر العوفي، أن تنظيم laquo;القاعدةraquo; تعاون مع الاستخبارات الإيرانية أثناء فترة أحداث 11 أيلول (سبتمبر)2001. وقال: laquo;كان ناصر الوحيشي وسعيد الشهري وقاسم الريمي ينقلون لي بألسنتهم كيفية تعاملهم أثناء فترة وجودي معهم في اليمن، وكانوا ينظرون إلى المصلحة العامة قبل كل شيءraquo;. وأكد العوفي أن قيادات التنظيم في اليمـــن غضبـــت عليه عندما علمت أنه طرد مجمـــوعة من الحوثيين كانوا يريدون دعمــــه بالسلاح في مقابل الانضمام معه، وأن الشجـــار أوشك أن يتحول تراشقاً بالنار، وقالوا له: laquo;يا أبا الحارث من باب المصلحـــة العامة أن نتفاوض معهم من أجل سحب الأموال، وليست لدينا أية مشكلات معهم، وقضيتنا مع السعودية واليمن فقطraquo;.