داود الشريان


قامت مبادرة laquo;س - سraquo; لحل الأزمة اللبنانية على أساس أن المملكة ستتعاون وسورية في اتخاذ إجراءات بعد صدور القرار الاتهامي، تمنع انفجار الوضع. وهي مرت بمرحلة طويلة من الأخذ والرد. لكن laquo;حزب اللهraquo; لم يكن في أجواء التفاصيل، وكان كل ما يردده نوابه حول مبادرة laquo;س - سraquo; في الفترة الماضية نوعاً من التمني، وإن شئت فإن الحزب كان يتوقع أن المسعى يهدف الى التدخل قبل صدور القرار ومحاولة التأثير. وكنت نقلت، في مقال سابق، عن الرئيس بشار الأسد حين التقيته في دمشق، غياب تفاصيل المبادرة عن اللبنانيين، فضلاً عن أن وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أكد هذه الحقيقة خلال نقاش ساخن مع نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع وزراء الخارجية العرب للتحضير للقمة الاقتصادية العربية في شرم الشيخ. قال الأمير للمقداد إن laquo;التفاهمات كانت بين الملك عبدالله والرئيس بشار الأسد ولا أحد يعلم بها غيرهما، ولا حتى وزيري خارجية البلدينraquo;.

laquo;حزب اللهraquo; اكتشف بعد الحديث عن قرب صدور القرار الاتهامي حقيقة المسعى وأهدافه، وهو تراجع عن وعود والتزامات، وربما لم تلعب دمشق دورها المفترض مع laquo;حزب اللهraquo;، أو واجهت ضغوطاً، فوجدت السعودية أن الالتزامات التي مضى وقت طويل لترتيبها جرى التنصل منها، فاتصل الملك عبدالله بن عبدالعزيز بالرئيس بشار الأسد، وأخبره أن التفاهم في هذه الحال وصل الى طريق مسدود. كان الممكن أن تعود الرياض لإكمال المسعى، لكنها وجدت أن الاستقالات التي أفضت الى انهيار رئاسة الحكومة اللبنانية مناهضة ومعطلة لأي جهد محتمل. ولهذا لجأت الى إعلان رفع يدها في شكل واضح، لئلا تُحسَب عليها تداعيات الموقف الخطير.

لا شك في أن المواطن اللبناني صُدِم بتصريح وزير الخارجية السعودي أمس بأن المملكة laquo;رفعت يدهاraquo; عن الوساطة التي أجرتها مع سورية لحل الأزمة في لبنان، وبات يسأل هل يعني ذلك أن السعودية تخلت تماماً عن لبنان، فضلاً عن ان بعضهم يسأل لماذا لجأت الرياض الى هذه اللغة غير المعتادة في خطابها الديبلوماسي، وفي هذا الوقت الدقيق؟

الأكيد أن تصريح الأمير سعود الفيصل لا يعني أن السعودية رفعت يدها عن مساعدة لبنان، والوقوف الى جانبه. لكنها تخلّت عن الوساطة، وتعمّدت استخدام تعبير laquo;رفعت يدهاraquo; لتوضح للبنانيين والعرب أنها ليست مسؤولة عن أي إجراءات يتخذها الحزب بعد صدور القرار الاتهامي، ولا تريد أن تتحول الوساطة التي وُئِدت الى غطاء لأحداث خطيرة محتملة في الأيام المقبلة.