سمر المقرن

مضحك جداً، ومؤلم أكثر، أن تكون إسرائيل طرفاً في الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومع ذلك تناقض نفسها برفضها تنفيذ هذه الاتفاقية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا تستجيب لتساؤلات خبيرات لجنة (السيداو) عن أوضاع النساء الفلسطينيات.
وعلى الرغم من أن تلك التساؤلات قد قدمتها خبيرات اللجنة منذ عام 2005م، عندما قدمت إسرائيل تقريرها السابق، وتضمنت تلك التساؤلات قلق اللجنة بانتهاك إسرائيل للحقوق الأساسية للنساء الفلسطينيات في الأراضي المحتلة. مع ذلك تجاهلت هذا في تقريرها الأخير الذي تقدمت به للجنة في الأمم المتحدة في جنيف الأسبوع الماضي. كما تجاهلت الأسئلة التي جاءت في السياق ذاته من خبيرات اللجنة عند مناقشة الوفد الإسرائيلي حول التدابير التشريعية والقضائية والإدارية، والتي هي مكتوبة في التقرير الإسرائيلي المنشور على الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، والذي لا يوجد فيه وفي هذه الفقرات تحديداً أي إشارة لا من قريب ولا من بعيد للمرأة الفلسطينية في الأراضي المحتلة، والتي جميعنا ندرك ونرى كم تتعذب وكم تتألم وكم تُنتهك سواء من الجنود أو من المستوطنين، وهذه المشاهد نراها يومياً على شاشات التلفاز، ونقرأ عنها كل ساعة في المواقع والصحف.
الدخول إلى مبنى الأمم المتحدة في جنيف، ومعايشة أجواء الجلسات والنقاشات أمر ممتع، خصوصاً لمن هو مهتم في هذا المجال، وقد أتيحت لي الفرصة الأسبوع الماضي لدراسة دورة تدريبية في معهد جنيف الدولي لحقوق الإنسان، عن آليات حماية حقوق المرأة، وكان الجزء النظري من هذه الدورة التي جاءت بالتزامن مع انعقاد دورات جديدة لكل من: لجنة القضاء على أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) ولجنة حماية الطفل، وحضور جلسات هذه اللجان ومعايشة واقع النقاش حول التقارير المقدمة من الدول الأطراف، الجلسة الأولى حضرتها في قصر (ويلسون) المفوضية السامية للأمم المتحدة، وكانت لجنة حقوق الطفل تناقش الوفد الحكومي الأفغانستاني حول التقرير المقدم، في الحقيقة، أعجبتني كثيرا ردود ممثلي الحكومة الأفغانستانية، وأعجبني أكثر مهنية رئيس الوفد الذي استعرض في بداية كلمته كافة الأمور التي استجدت فيما يخص الطفل في الفترة التي لم يقم بتغطيتها التقرير، كان الوفد واثقا ومتزنا ومباشراً في ردوده على أسئلة خبيرات وخبراء اللجنة.
في الوقت ذاته، بلغني أن لجنة القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة تقوم بمناقشة إسرائيل حول تقريرها الدوري الأخير، ترددت في البداية عن دخول القاعة، لكني تذكرت قول الرسول -صلى الله عليه وسلم- laquo;من أراد أن يأمن مكر قوم فليتعلم لغتهمraquo;، لا أخفيكم كنت أشعر بالتقزز من أن أرى أحداً من الغزاة الذين احتلوا قلبنا العربي، إلا أنه في مثل هذه المواقف من المهم أن نتجرد من مشاعرنا الخاصة، وهذا ما حدث. إذ لا جديد في مكر القوم ولؤمهم، كانت أسئلة خبيرات اللجنة محددة وواضحة، إلا أن الوفد الإسرائيلي لا يجيب، رئيسة الوفد كانت بارعة في تضييع الوقت، وحتى بعد تمديد الوقت للإجابة تم القضاء عليه باستعراض الإنجازات وتلميع الصورة.
انتهت الجلسة دون أجوبة للأسئلة التي تخص النساء الفلسطينيات، ولا أخفيكم، فقد كان واضحا جدا تعاطف رئيسة لجنة السيداو مع إسرائيل لأنها لم تلزمهم بالإجابة، مع أنها كانت قادرة على ذلك.